Menu
in

الآثار الاقتصادية والنفسية لحالة الانتظار والترقب المستمرة

دأب الليبيون منذ سنوات على انتظار الحصول على سلعة أو خدمة، وفي بعض الأحيان انتظار إجراء معين، أو ترقب خبر يمس مصالحهم، أو حدث تمر به البلاد، بما في ذلك إحاطة ممثلو الأمين العام للأمم المتحدة في ليبيا أمام مجلس الأمن.
فلطالما وقف الليبيون في طوابير، ساعات طويلة، سعياً للحصول على الوقود (البنزين أو الديزل)، دون ضمان الحصول عليه في آخر لحظة، إذ قد تنفد كمية الوقود التي زُودت بها محطة التوزيع في اللحظة التي تصل فيها سيارتك مضخة التوزيع.
ينتظر الناس لحظة قطع التيار الكهربائي، نتيجة لطرح الأحمال، حيث لا يوجد توقيت محدد لفصل التيار، في كثير من الأحيان، وهذا يعني في ذات الوقت انتظار لحظة رجوع التيار الكهربائي. ينتظر الناس نزول مرتباتهم، حيث يختلف الموعد من شهر لآخر. يعيش الناس، بين الرجاء والخوف، حالة توقع نشوب اشتباكات مسلحة في مناطقهم، جراء التهديدات المتبادلة بين المجموعات المسلحة. واليوم صاروا في حالة ترقب لما ستنتهي إليه سياسة سعر الصرف، هل سينخفض سعر صرف النقد الأجنبي أم أنه سيرتفع، هل من الأجدى الانتظار لحين يتقرر سعر جديد للصرف أم أن الوقت مناسب لمباشرة إجراءات فتح الاعتماد المستندي وشراء النقد الأجنبي، تجنباً لسعر صرف أعلى، في ظل تعدد البيانات الصادرة حول الموضوع. بيئة تتصف بعدم اليقين، حالة من الترقب تزداد فيها المضاربة في السوق.

الوقوف في طوابير أمام المصارف بحثاً عن السيولة، ساعات طوال، مشهد آخر من مشاهد الانتظار، وهي حالة انتظار غير مضمونة النتائج.

في ظل حالة الترقب والانتظار وعدم اليقين:
لا تستطيع أن تضع خطة للوصول إلى أي هدف، اجتماعي أو اقتصادي على حد سواء، إذ لا يوجد ما يضمن وصولك إلى مقر عملك صباح اليوم التالي، ولا يوجد ما يضمن قيامك بتأدية واجب اجتماعي ترجو القيام به، أو وصولك لحضور اجتماع في الموعد المحدد. بكل بساطة قد تصبح وتجد الطريق العام مغلقاً، إما من قبل مجموعة غاضبة أو بخيمة نُصبت لمناسبة اجتماعية. لا تستطيع أن ترتب التزاماً مالياً تأسيساً على مواعيد استلامك لمرتبك الشهري، إذ بكل بساطة قد تتغير آلية دفع المرتبات من أسلوب الحوافظ إلى أسلوب الحوالات، دون سابق إنذار، وهذا التغير يرتب تأخيراً في موعد إيداع المرتبات بحسابات المعنيين.
وبالنسبة لأصحاب الأعمال ممن يقدمون خدمات للأجهزة الحكومية، ويتعاقدون معها، لا يوجد ما يضمن استلام مستحقاتهم في موعدها المحدد، عليهم أن ينتظروا، وقد تطول فترة الانتظار لعدة شهور.
حتى من يحاول أن يرتب مواعيد للسفر خارج البلاد جواً، لمختلف الأسباب، قد ينجح في الحصول على تأكيد موعد الذهاب، ولكن عليه أن ينتظر قبل أن يتحصل على تأكيد لموعد الإياب.

إن أسوأ ما يمر به أي مجتمع هو حالة عدم الاستقرار، وعدم اليقين والترقب.
“حالة الانتظار يمكن أن تُحدث آثاراً نفسية سلبية مثل القلق والتوتر والإحباط، والشعور بعدم الرضا أو اليأس، بالإضافة إلى اضطرابات النوم والإرهاق والآلام الجسدية. كما قد تؤدي إلى تأجيل أهداف الحياة وعدم الشعور بالهدف أو الحافز، مما يخلق شعوراً بأن الشخص عالق وغير قادر على المضي قدماً”.
والنتيجة:

ضياع الوقت والجهد.
تدني الإنتاجية وفقدان الحافز.
تراجع معدلات النشاط الاقتصادي.
سوء استغلال الموارد الاقتصادية.
تراجع معدل النمو الاقتصادي.
تعثر جهود التنمية الاقتصادية.
ضياع الكثير من الفرص وارتفاع تكلفتها.
ارتفاع أسعار السلع والخدمات.
ارتفاع خسائر تشغيل المؤسسات، والوحدات الإنتاجية الخاصة والعامة.
زيادة معدلات الفساد، وانتشار الظواهر الهدامة، وهدر المال العام.
ما تقدم وصف وتشخيص للحالة، أما العلاج، فهذه قصة يطول الحديث فيها، وباختصار: الإسراع في قيام الدولة، وإنهاء حالة الانقسام والتشظي، دولة القانون والمؤسسات.

كُتب بواسطة Juma Mohammed

Exit mobile version