الدبيبة يقول: “شن بنديرو بالزراعة؟”… بينما ليبيا تستورد 75% من غذائها وتهدر 83% من مياهها ووزارة الزراعة في حكومته تنفق حوالي نصف مليار سنوياً !!
سلسلة منشورات .. بعنوان : #خارج_سياسة_التحرير
ليبيا يا أعزائي تُهدر 83% من مياهها في الزراعة غير المنتجة، وتُبدد نصف مليار دينار سنويًا على وزارة بلا ثمار!
نُقل عن عبد الحميد الدبيبة – رئيس حكومة الوحدة – قوله بصيغة ساخرة:
“شن بنديرو بالزراعة؟ دوب نِبلّو ريقنا!”
تصريح لا يُمكن المرور عليه باعتباره مجرد توصيف شعبي أو خفة ظل سياسية… بل هو تلخيص صادم لمنطق دولة تخلّت عن الزراعة كأداة سيادة، وتحاول إقناع الناس بأن شحّ الرؤية هو شحّ في المياه بل هذا يناقض مشروعاً أعلن عنه الدبيبة نفسه ” مشروع خضار ليبيا لغرس 100 مليون شجرة ” .
هل فعلاً ليبيا عطشى؟
وفقًا لمعهد الشرق الأوسط (MEI)، يضخ مشروع النهر الصناعي العظيم أكثر من 6.5 ملايين متر مكعب يوميًا من المياه العذبة، اعتمادًا على أكثر من 1,300 بئر جوفي في الحوض النوبي العميق.
ووفقًا لمعهد NUPI، فإن 80% من مياه الشرب في ليبيا تأتي من هذه المنظومة.
MEI 2022 – NUPI 2024)
إذن، “العطش ليس في الموارد… بل في الإدارة والاستعانة بغير الكفاءات في قيادة دولة “.
من الذي يستهلك المياه؟ ومن يهدرها؟
بحسب ورقة علمية منشورة في Desalination & Water Treatment (2019)، فإن 83% من استهلاك المياه في ليبيا يذهب إلى الزراعة، لكن معظمها عبر أساليب ري تقليدية تهدر نصف الكمية قبل وصولها إلى التربة.
(DWT Journal, 2019)
ومع غياب التسعير والمحاسبة، تحوّلت المياه إلى مورد مباح، لا يُحترم، ولا يُدار.
الزراعة لا تستهلك الماء… بل تُعيده للحياة
وفـقًا لـ USGS، فإن الغطاء النباتي يُعيد 60% من الماء إلى الغلاف الجوي عبر النتح، ما يساهم في تكوين السحب ورفع الهطول وتحسين تغذية المياه الجوفية.
(USGS: Evapotranspiration and the Water Cycle, 2018)
بكلمات أخرى: الشجرة لا تستهلك الماء، بل تصنع المطر لكن شن بنديروا بيها الزراعة ؟ .
والآن لننظر داخل وزارة الزراعة نفسها…
تحليلٌ بحثي عن عام 2023 (إعداد: محمد القرج) كشف
تحليل بيانات الإيراد والإنفاق التي نشرها مصرف ليبيا المركزي :
* الوزارة تضم أكثر من 12,000 موظف
* تُنفق أكثر من 420 مليون دينار سنويًا، منها 86% على مرتبات بلا إنتاج فعلي
* فقط 9% تُخصص للتنمية الزراعية أو دعم المزارعين
* ووفقًا لتقرير ديوان المحاسبة:
* 71 مليون دينار صُرفت على مشاريع متعثرة لم تتجاوز 15% إنجاز
* 23 مليون دينار على مصاريف إدارية (سيارات، محروقات، مكاتب)… بلا مردود
* البطالة المُقنّعة تفوق 60% داخل الإدارات!
هذه ليست وزارة… بل ماكينة إنفاق عموميّ تستهلك المال بلا حقلٍ، والقرار بلا خطّة، والماء بلا محصول. فسؤالنا للحكومة .. شن اديرو بيها وزراة الزراعة ..؟
ومع هذا النزيف… ليبيا تستورد 75% من غذائها!
• أكثر من 1.5 مليون طن من الحبوب تُستورد سنويًا وفقًا لتقارير FAO
* الإنتاج المحلي لا يغطي سوى 10-15% من القمح والشعير
* تُزرع فعليًا فقط 240 ألف هكتار من أصل 470 ألفًا مجهّزة للري
* بينما تنتج البلاد:
348 ألف طن بطاطا
180 ألف طن تمور
32 ألف طن زيت زيتون من 8 ملايين شجرة
FAOSTAT – OliveOilTimes – FAO GIEWS 2023)
ومع ذلك، تُسأل الزراعة لا عن الحلول… بل عن جدواها!
الخلاصة: من الذي يجب أن يُسأل اليوم؟
هل نلوم الشجرة؟ أم من اقتلعها؟
هل نُدين الزراعة؟ أم من صادر قرارها السياسي؟
هل نحاسب الفلاح؟ أم من أغلق أمامه أبواب الدعم والإرشاد والإنتاج؟
إذا كانت الحكومة “لا تعرف ما تفعل بالزراعة”،
فربما آن لها أن تسأل نفسها:
ماذا تفعل بالدولة بالحياة لأن الزراعة هي الحياة.!
الزراعة ليست عبئًا… بل آخر حائط صدّ في وجه التبعية، والتجويع، والانهيار البيئي .. بدل إنفاق أموال النفط على الاعتمادات والاستيراد .
من لا يزرع لا يملك، ومن لا يملك لا يقرر، ومن لا يقرر ليس بدولة… بل سوق لتجار السفن.