شكل تجاوز ديون ليبيا مليار دولار لموردي الوقود بعد إيقاف العمل بنظام المبادلة، الذي أوردته وكالة بلومبرغ، ما يشبه رسالة تحذير من أزمة كبيرة مرتقبة في حال تعثر دفع ثمنها مباشرة عبر اعتمادات مستندية يخصصها المصرف المركزي، وتزامن التحذير مع عودة طوابير السيارات أمام محطات الوقود منذرة بشح المعروض في السوق.
وأكدت تقارير إعلامية صدرت قبل أسابيع أن زبائن المؤسسة الوطنية للنفط منحوها ثلاثة أشهر لدفع فواتيرها، تنتهي بحلول يونيو، وإلا فقد يحدث نقص في الوقود، مما سيؤثر مباشرة على إنتاج الكهرباء.
وقال حينها رئيس مؤسسة النفط، مسعود سليمان، إنه في حال عدم تغذية حساب المحروقات فإن المؤسسة “لا تتحمل مسؤولية عودة ظاهرة الازدحام أو أي انقطاعات في محطات الكهرباء وغيرها من المرافق الحيوية لنفاد الأرصدة بسبب تعثر أو تعطل الدفع”.
• ربع أموال المقايضة فقط !
ورجحت وكالة بلومبرغ أن تقفز الديون المترتبة على المؤسسة الوطنية للنفط إلى ثلاثة أضعاف، بحلول نهاية 2025 في حال تخلفها عن السداد، لكنها تظهر أيضا أن واردات المحروقات بنظام الدفع المباشر، يمكن أن تتوقف عند 4 مليارات دولار فقط خلال عام، بحسب البيانات المؤقتة، وهو رقم، إن تأكد أنه يمثل كل حاجيات ليبيا من المواد المكررة، للاستهلاك الفردي والصناعي، فهو لا يمثل، حتى الآن، سوى نحو ربع ما كانت مؤسسة النفط تنفقه عبر نظام المبادلة، ما يعزز كثيرا شبهات الفساد التي ظلت تلوح بها الهيئات الرقابية والقضائية والأممية طوال السنوات الثلاث الماضية، كما تزيد من الشكوك حول صدقية ونزاهة التقديرات الشهرية المعلنة من مؤسسة النفط لاحتياجات البلاد من المحروقات، والتي تقول إنها تصل إلى 750 مليون دولار، بينما تقارير ديوان المحاسبة سجلت أكثر من 16 مليار دولار سنويا.
• نفس الموردين القدامى
ومطلع أبريل أعلن الدبيبة أن الشركات الأجنبية التي كانت تحتكر توريد الوقود إلى ليبيا وفق نظام المبادلة مع الخام، ستبقى نفسها تورده إلى ليبيا وفق نظام الاعتمادات المستندية.
وهي ثماني شركات أجنبية ، 5 منها إماراتية وردت ما قيمته 7.7 مليارات دولار من الوقود في العام، يضاف إليها 3 شركات تركية وردت ما يزيد عن مليار دولار، بحسب آخر تقرير لديوان المحاسبة.
ولم تفسر مؤسسة النفط ولا الحكومة في طرابلس، لماذا لم تطرح مناقصة دولية تختار منها العروض الأقل سعرا والأحسن جودة بدل التمسك بنفس الزبائن القدامى، خاصة أن ديوان المحاسبة قال سابقا إن مؤسسة النفط تعاقدت مع شركات وسيطة حديثة غير معروفة لا تملك خبرة لمبادلة المحروقات، بدلاً من التعاقد رأسًا مع شركات كبرى معروفة ذات الاختصاص والخبرة، لافتًا إلى أن هذه الشركات لم تستوف الشروط المطلوبة، وهو ما اعتبرها تجاوزات وخسائر ترتقي إلى شبهة الفساد.
• هل يلتزم المصرف المركزي ؟
ولا تبدو مهمة المصرف المركزي سهلةً لتغطية واردات المحروقات والمواد المكررة، ليس فقط بسبب الضغط الجديد على احتياطات النقد الأجنبي بل أيضا بسبب الإنفاق المزدوج من الحكومتين في بنغازي وطرابلس، وأي تذبذب وتأخر في تحويل إيرادات النفط إلى المصرف، وأخيرا بسبب الاتهامات التي يكررها المصرف المركزي منذ سنوات لحكومة الدبيبة بأنها فشلت في تحصيل وتحويل إيرادات بيع الوقود.
وكلها تحديات قد تضيع فيها مسؤولية الأطراف جميعا في أي أزمة حقيقية يتسبب فيها انقطاع واردات الوقود.