in

أهلية العسكري للترشح

ينظر البعض باستغراب كيف يطرح السؤال حول مدى أهلية العسكرى للترشح، وهو الذى يتبع مؤسسة غايتها حماية دستور البلاد وحدودها؟ وللمسألة وقعها الخاص في ليبيا في هذه المراحل الانتقالية. غير أن هذه الإشكالية لا يجب أن تمثل مشكلة لأن الفيصل هو الدستور أو ما يقوم مقامه وقانون الانتخاب.

فأهلية العسكرى للانتخاب وللترشح تحكمها القواعد المنظمة لعملية القيد فى سجل الناخبين وفى سجل المترشحين للانتخابات الرئاسية أو البرلمانية.. فهل حسم المشرع هذه المسألة؟

التعديل الدستورى الثالث عشر الصادر فى 23–2-2023 اشترط في المترشح لعضوية مجلس النواب -وهي ذات الشروط تقريبا بالنسبة للترشح لعضوية مجلس الشيوخ- الجنسية الليبية والتمتع بالحقوق المدنية والسياسية والحصول على مؤهل تعليمي جامعي وبلوغ سن معينة، والإقامة بالدائرة الانتخابية وفوض المشرع فى إضافة أي شروط أخرى (مادة4 ومادة8).

أما بالنسبة لشروط الترشح لرئاسة الدولة فتركها للقانون (مادة 20-3)، وهو نهج يعكس واقع المرحلة الانتقالية ولكن المهم أن هذا التعديل لم يحظر على العسكريين الترشح. فماذا عن قانوني الانتخابات رقمي 27-28-2023 الصادرين فى1-11-2023؟

أضافت المادة 17من القانون رقم27 شروطا أخرى منها شرط الإستقالة من المنصب، وهو ما يفهم منه أن المشرع لم يميز بين العسكرى والمدنى فى شأن الترشح لعضوية مجلس الأمة، وهو ما يتأكد صراحة من حكم المادة 18 التى علقت قبول أوراق ترشح ( رجال القوات المسلحة ، والشرطة ،وأعضاء المخابرات العامة ،ومن فى حكمهم…) على تقديم استقالاتهم من مناصبهم .

بل ذهب المشرع إلى تيسير مهمتهم عندما نص فى عجز المادة المذكورة ( وتعد الاستقالة مقبولة من تاريخ تقديمها)! فهل يختلف الوضع بشأن الترشح للانتخابات الرئاسية ؟ المادة 15 بينت الشروط الواجب توافرها فى كل من الناخب والمترشح ولم تميز صراحة بين المدنى والعسكرى ، غير أنها فى الشرط الرابع عشر عندما ذكرت ( أي شروط أخرى تنص عليها القوانين النافذة ذات العلاقة ) قد يفهم منها أن العسكريين لهم وضع خاص بحكم أن قانون العقوبات العسكرى يجرم ( ..كل من عقد إجتماعات أو اشترك فيها أو انتمى إلى هيئة سياسية .. أو اشترك فى المظاهرات أو الاضطرابات أو فى حملات الانتخابات أو كتب المقالات السياسية…)( مادة 84).

غير أن هذا الاستخلاص ليس صائبا من جهة أن البند 5 من المادة 17 من قانون إنتخاب الرئيس يفهم منها صراحة أن المترشح قد يكون عسكريا عندما نص على أنه: ( يعد المترشح للانتخابات الرئاسية – سواء كان مدنيا ،أو عسكريا- مستقيلا من وظيفته بقوة القانون بعد قبول ترشحه…) ؛ فالعسكرى مثله مثل المدنى فيما يتعلق بأهلية الترشح متى توافرت فيه الشروط المقررة فى القانون 28.

ومن جهة أخرى فإن شرط تقديم الاستقالة ( مادة 15-9) يعنى أن العسكرى يفقد صفته بقوة القانون من لحظة قبول ترشحه، وبالتالى فإن الحظر الوارد فى المادة 84 لم يعد يطبق عليه لأنه استعمل حقا قرره القانون النافذ حاليا؛ ومن المسلم به قانونا أن النص الخاص اللاحق يقيد حكم النص العام السابق ؛ فمن غير المنطقى أن يعاقب شخص استعمل حق الترشح أو عقد حملة انتخابية لمصلحته؛ وهو وضع يختلف عن الوضع الذى واجهته المادة 84 التى عكست سياسة النظام السابق ونهجه غير الديموقراطى، وسبقت الإشارة الى أن القانون رقم27 بشأن انتخابات مجلس الأمة يفهم منه شرعية ترشح العسكريين ( مادة 18).

ومن جهة ثالثة فإن تقرير أهلية العسكرى للترشح هو ما يقتضيه مبدأ المساواة ومبدأ عدم التمييز الذى كرسه الاعلان الدستورى.

وعلى أي حال، فقد تختلف وجهات النظر فى تقييم سياسة المشرع فى هذا المجال ولكن الواقع التشريعى لا يترك مجالا للشك فى إجازة الترشح للعسكريين شريطة تقديم استقالتهم سواء بالنسبة لانتخابات مجلس الأمة أو للانتخابات الرئاسية .

كُتب بواسطة سلسبيل الرايد

ديون الوقود تحذر من تأخر السداد وتكشف “الثقب الأسود” في نظام المقايضة

صحيفة “ترك برس” تتحدث عن استراتيجية تركيا في ليبيا، وعن سعيها لتشكيل حكومة جديدة في البلاد