في تحول لافت لمسار قضية اختفاء عضو مجلس النواب إبراهيم الدرسي، أكد مدعي عام المحكمة الجنائية الدولية كريم خان، خلال إحاطته لمجلس الأمن الدولي مساء اليوم الخميس، صحة الفيديوهات التي أظهرت الدرسي محتجزًا ومقيدًا ويتعرض لسوء معاملة، معتبرًا أن ما ورد فيها “يمثل انتهاكًا صارخًا لحقوق الإنسان قد يرقى إلى جرائم تقع ضمن اختصاص المحكمة”.
الدرسي، الذي اختفى قسريًا منذ مايو 2024 عقب ظهوره في عرض عسكري في بنغازي، ظهر في مقاطع مصورة مسرّبة خلال الأيام الماضية، وهو مكبل اليدين، وفي وضعيات مهينة تظهر آثار تعذيب جسدي ومعنوي، فيما وجّه مناشدة صريحة لصدام حفتر، يطالبه فيها بالتدخل لإطلاق سراحه.
وبينما أثارت المقاطع موجة غضب واسعة في الداخل الليبي وعلى المستوى الدولي، سارعت الأجهزة الأمنية في بنغازي، وعلى رأسها جهاز الأمن الداخلي، إلى إصدار بيان ينفي صحة الفيديوهات، زاعمًا أنها “مفبركة بالكامل باستخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي”، وتهدف إلى “تشويه سمعة القوات المسلحة وبث الفتنة”.
لكن تأكيد كريم خان لصحة المقاطع، ودعوته إلى فتح تحقيقات جادة حول ملابسات اعتقال النائب ومعاملته، أسقط الرواية الرسمية للسلطات في شرق البلاد، وفتح الباب أمام تساؤلات قانونية وأخلاقية حول الجهة المسؤولة عن الجريمة.
خان لم يسمِّ المسؤولين بشكل مباشر، لكنه شدد على أن “الوقائع المرتبطة باختفاء وتعذيب نائب برلماني ليبي، وقعت في نطاق نفوذ سلطات أمر واقع تتحكم في الشرق الليبي”، في إشارة واضحة إلى قوات حفتر.
وتأتي هذه التصريحات لتزيد من الضغوط الدولية على حفتر، وتضعه في دائرة المساءلة، لا سيما وأن النائب المختطف لم يُسجل له أي تواصل قانوني أو محاكمة منذ اختفائه، ما يعزز فرضية مسؤوليته السياسية والأمنية عن الانتهاك.
في السياق ذاته، أعربت بعثة الأمم المتحدة في ليبيا عن “قلق بالغ” إزاء القضية، مؤكدة على ضرورة التحقيق الفوري والمستقل، فيما طالبت منظمات حقوقية دولية بإدراج الواقعة ضمن ملفات الجرائم المنظورة ضد قادة عسكريين في ليبيا.
قضية الدرسي، التي بدأت بفيديو صادم، تتحول اليوم إلى ملف جنائي دولي، يُعيد فتح النقاش حول غياب المحاسبة، وسط مطالبات متصاعدة بمثول كل المتورطين أمام العدالة، ووقف الإفلات من العقاب في ليبيا.