Menu
in

الاقتصاد الليبي على حافة الانهيار

عندما تكون حصيلة إيرادات المبيعات النفطية خلال سبعة عشر يومًا ما قيمته 778 مليون دولار فقط، في حين تصل المدفوعات من النقد الأجنبي خلال الفترة ذاتها إلى 2.3 مليار دولار، أي أن هناك عجزًا في ميزان المدفوعات قدره 1.5 مليار دولار، فهذا يعني أن هناك خللاً أو اختلالًا كبيرًا يجب الوقوف عنده وأخذه على محمل الجد. إذ إن استمرار هذا الاختلال سيترتب عليه عواقب ونتائج وخيمة يتعذر تداركها، تتمثل أبرزها في مزيد من الانخفاض في سعر الدينار، وتراجع أكبر في القدرة الشرائية لدخول المواطنين ومدخراتهم، وارتفاع أكبر لمعدلات التضخم والبطالة والفقر، ما يعني تفاقم معاناتهم، وقد يؤدي إلى انهيار اقتصاد البلاد برمته.

وعليه، يجب علينا وعلى وجه السرعة البحث في المشكلة وتحديد أسبابها ومعالجتها، ولعل أبرز الأسباب هي:

1. ضعف حصيلة الإيرادات النفطية الموردة للمركزي، حيث لا تتناسب هذه الحصيلة مع الكميات المنتجة يوميًا والأسعار السائدة في السوق.
2. ارتفاع قيمة فاتورة المحروقات الموردة من الخارج، والتي أصبحت تلتهم، وللأسف، ما نسبته 45% من حصيلة الإيرادات النفطية.
3. ارتفاع الإنفاق الحكومي من قبل الحكومتين، والذي كان سببًا مباشرًا في ارتفاع معدلات الطلب على النقد الأجنبي في بلد يستورد كافة احتياجاته تقريبًا من الخارج.
4. ارتفاع فاتورة الواردات التي تلتهم سنويًا ما نسبته 60% من حصيلة الإيرادات النفطية، وعدم وضع الحكومة لأي خطط أو استراتيجيات لضبط الاستيراد وتشجيع الإنتاج المحلي.
5. الهبوط الحاد في قيمة الإيرادات غير النفطية، التي لا تغطي حتى ما نسبته 1% من حجم الإنفاق الحكومي المتزايد.
6. ارتفاع حجم المعروض النقدي بشقيه (داخل النظام المصرفي وخارجه) وعدم قدرة المركزي على امتصاص جزء منه أو الحد منه، خاصة في ظل تعطل أدوات السياسة النقدية، وهي الوسيلة الوحيدة للتأثير فيه.
7. ارتفاع وتيرة عمليات التهريب للوقود والسلع الغذائية والإلكترونية وغيرها لدول الجوار، خاصة أن أي انخفاض في سعر الدينار يشجع ويحرض أكثر على ممارسة تلك العمليات، وذلك بفضل الأرباح التي يجنيها المهربون.

بالتأكيد هناك أسباب أخرى، لكن مع كل ذلك، فإن وسائل المعالجة للخروج من هذه الأزمة ممكنة إذا ما توفرت الرغبة والإرادة لذلك.

لكن يبقى السؤال المهم: كيف لنا الخوض في الحلول في بلد منقسم على نفسه، ويدار من قبل حكومتين، ويُدار فيه الإنفاق والجباية للإيرادات دون قانون للميزانية؟ فلا يوجد سقف محدد للإنفاق لا يجوز للحكومات تجاوزه إلا بقانون، ولا سقف للإيرادات يتوجب على الحكومات الالتزام به.

كُتب بواسطة Juma Mohammed

Exit mobile version