ترامب و”فن الصفقة”
استراتيجية التفاوض التي حكمت مسيرته:
في عام 1987، أصدر دونالد ترامب كتابه الأشهر “فن الصفقة” “The Art of the Deal”، الذي كشف فيه عن فلسفته في التفاوض وإبرام الصفقات، واصفًا إيّاها بـ”العمل الفني” الذي يتجاوز مجرد كسب المال إلى “التشويق للعملية نفسها” . الكتاب، الذي بيعت منه ملايين النسخ، لم يُرسخ فقط صورة ترامب كرجل أعمال جريء، بل مهّد لصعوده السياسي لاحقاً .
في كتابه هذا كتب ترامب:
“أسلوبي في عقد الصفقات بسيط ومباشر: أضع سقفًا مرتفعًا جداً لما أريده، وأدفع لأحصل عليه. أحيانًا أرضى بأقل، لكن في النهاية أصل لهدفي”.
هذه العبارة تعكس جوهر استراتيجيته القائمة على:
1. التضخيم الصادق: مزيج من المبالغة والتفاؤل لخلق اهتمام بمشاريعه وزيادة قيمتها الظاهرية.
2. المرونة والخطط البديلة: لا يعتمد على خطة واحدة، بل يُعدّ عدة سيناريوهات لمواجهة أي مفاجآت.
3. استغلال نقاط ضعف الخصوم: يؤمن بأن “التأثير” يعني إقناع الطرف الآخر بأنه لا يستطيع الاستغناء عن الصفقة.
“من رجل أعمال إلى رئيس”
قبل السياسة، كان ترامب تاجراً، استخدم الإعلام لترويج نفسه، وحوّل مشاريع متعثرة (مثل فندق “كومودور”) إلى نجاحات أسطورية. كتابه يوضح كيف نقل هذه التكتيكات إلى السياسة:
– رفع السقف التفاوضي: كتهديده بفرض رسوم جمركية على دول كالصين وكندا، ثم التراجع بعد تحقيق مكاسب .
– لعبة “الدجاج” (Chicken Game): مواجهة الخصوم بحافة الهاوية لإجبارهم على التراجع أولاً .
“نصيحتي للحكام العرب والمسلمين”
لا تتفاوضوا فرادى!
ترامب يُدرك أن التفاوض الفردي يمنحه الأفضلية.
لذلك، فإن التكتل تحت مظلة جامعة الدول العربية، أو منظمة التعاون الإسلامي، أو كلاهما، وكذلك مجلس التعاون الخليجي، قد يكون الحل الأمثل لموازنة قوته التفاوضية.
– رفع السقف الجماعي: كما يفعل هو، يمكن للدول العربية والإسلامية توحيد مطالبها ورفع سقفها التفاوضي لتحقيق نتائج أفضل.
– عدم إظهار الضعف: أي مؤشر للتردد أو الخوف سيُستغل لصالحه، وفقاً لنصيحته:
“لا تبدُ متلهفاً للصفقة”.
وكان ترامب قد أطلق مجموعة من التصريحات المثيرة للجدل بشأن قطاع غزة، والتي أثارت ردود فعل واسعة على الصعيدين المحلي والدولي:
فقد اقترح أن تتولى الولايات المتحدة زمام الأمور في غزة من إسرائيل وتنشئ “ريفييرا الشرق الأوسط” بعد إعادة توطين الفلسطينيين في أماكن أخرى منها مصر والأردن.
واقترح ترامب مرارا منذ 25 يناير نقل الفلسطينيين من غزة لدول عربية بالمنطقة مثل مصر والأردن، وهي فكرة ترفضها الدول العربية والفلسطينيون.
قوبلت تصريحات ترامب بانتقادات واسعة، حيث اعتبرها العديد من القادة والمحللين بأنها “خيالية وغير واقعية لكنها خطيرة”، محذرين من تداعياتها على الأمن الدولي والإقليمي.
مما يثير قلقًا كبيرًا بين الفلسطينيين والدول العربية، والإسلاميّة.
رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس أعرب عن رفضه القاطع لفكرة “الاستيلاء” على غزة وتهجير الفلسطينيين، مؤكدًا أن حقوق الشعب الفلسطيني غير قابلة للتفاوض.
صحف عالمية: تصف تصريحات ترامب بشأن غزة بأنها خيالية لكنها خطيرة.
الخلاصة
“فن الصفقة” ليس مجرد كتاب، بل دليل لفهم عقلية ترامب الذي حوّل السياسة إلى ساحة تفاوض تجارية. المواجهة معه تتطلب حكمة جماعية، واستراتيجيات واضحة، وفهم عميق لقواعد لعبة “التضخيم” و”المراوغة” التي أتقنها وكشف عنها في كتابه منذ 38 عاماً