في كلّ بلدان العالم لا تخلو مدرجات ملاعب كرة القدم، من الشغب المتكرر بين الفينة والأخرى، فرغم تطور آليّة تأمين المباريات إلّا أنّ القضاء على هذه الظاهرة بات أمرًا مستحيلًا خصوصًا في دول العالم الثاني والثالث التي تتعامل معها بشكل أقلّ احترافية من دول العالم الأول، أمّا في ليبيا فأصبح الأمر يقترب من الخروج عن السيطرة جراء تعامل الجهات الأمنية في الكثير من المواقف مع الجمهور الذي أصبح يراها منافسًا حقيقيًّا له.
جمهور عنيف وأمن دموي
مع تزايد أعداد مجموعات “الألتراس” التي تعتبر الأكثر
تأثيرًا وتعصبًا في أندية الصفوة في دورينا الممتاز، من خلال تعاملهم كأسرة واحدة ومن يتعرض لأحد أفرادهم أثناء أو قبل أو بعد المباراة تتحول هذه الجماهير إلى جيشٍ يصارع من يواجهه بكلّ ما يملك، وهنا في ظل غياب الأسلحة المتعارف عليها لدى رجال الأمن كأسلحة الرصاص المطاطي أو ما شابه لن يكون التعامل معهم إلّا بالرصاص الحي لتفرقتهم، وهو ماحدث في أكثر من أربع مناسبات في أقلّ من موسمين ومنذ إعلان فتح المدرجات للجماهير.
شباب ضحايا التأمين
غياب الأسلحة البيضاء عن رجال الأمن في الجهات الأمنية، لم تجعل من التعليمات الكبيرة تغيب من مسؤوليها بعدم استخدام الأسلحة في وجوه الجماهير العزّل إلّا لتفريقهم وبرصاص صوتي، إلّا أن العمليات التأمينية خرجت عن السيطرة في صيف عام 2023 عندما أصيب مشجع فريق الاتحاد عبد المهيمن الفلاح بعيار ناري وتوفي على إثره مباشرة، كما تعرض مشجع آخر للاتحاد للرماية بالرصاص مطلع عام 2024 وظلّ مقعدًا حتى الآن، ففي كلّ مرة تنتظر نتائج هذه الكوارث الرصاصة القاتلة لكرة القدم في ليبيا، وقبل أقل من أسبوعين إصابة أخرى لأحد مشجعي نادي الأهلي طرابلس من رصاص الجهات الأمنية وكادت أن تودي بحياته، أما آخرها فكانت إصابة مشجع الاتحاد برصاصة قبل يومين خلال مباراة الاتحاد والمجد على ملعب الخمس دخل على إثرها العناية ودقّ من خلالها ناقوس الخطر مجددًا في آلية التأمين.
بيان إدانة من الاتحاد وآخر مطمئنٍ من قوة التدخل
نادي الاتحاد طلب وزارة الداخلية ومكتب النائب العام بالتحقيق في هذه الحادثة، في حين أكدت قوة التدخل والسيطرة التي قامت بتأمين مواجهة الاتحاد والمجد بأن المتهمين المشتبه بهم تم تسليمهم إلى الجهات ذات الاختصاص، لتنطفئ هذه النار خصوصًا بعد خروج المشجع من العناية الفائقة ورجوعه للحياة مجدّدًا.
من جهتها قالت وزارة الداخلية إن تدخل رجال الأمن كان لفضّ شجار حدث بين الجماهير ما أسفر عن تعرض عنصرين من أعضاء قوة التدخل والسيطرة إلى الاعتداء بالضرب من قبل بعض الجمهور.
المشجع ليس إرهابيًّا
الصحفي الرياضي مراد دخيل طالب وزارة الداخلية باختيار أفراد مهنيين قادرين على تأمين الملاعب قائلا في تصريح الرائد : ” المشجع ليس إرهابياً ولا مجرماً، وحتى إن ارتكب بعض التجاوزات ومارس الشّغب فالقانون هو الجهة المخولة بمحاسبته، والعدالة هي السبيل لإنصاف الجميع وما نراه من مشاهد لا يخدم رياضتنا، بل يسيء إليها ويشوه صورتها ويُنذر بكارثة لايُحمد عقباها لا قدّر الله”.
تطبيق شروط ضبط الأمن
من جهته دعا الصحفي الرياضي أنيس القواس في تصريح للرائد الجهات الامنية لتطبيق شروط ضبط الأمن للجمهور واللاعبين والحكام، معتبرا أن هناك تهاونا كبيرا جدا وأن الكوارث لا قدر الله إذا وقعت قد يصعب السيطرة عليها مضيفا أن على الجمهور أن يكون واعيًا بشكل أكبر وأن يحاسب المتورطين في مثل هذه الأحداث.
وقال الصحفي الرياصي الفيتوري الخطاب في تصريح للرائد، إن الأمن في جميع بلدان العالم يتعامل مع الشغب بأسلحة الرصاص المطاطي وكذلك “بالهراوات ” لكن ليس بالرصاص الحي!
مساحات آمنة للفرح والتشجيع
الصحفي الرئاسي فؤاد الصادق قال في تصريح للرائد إن الملاعب وُجدت لتكون مساحات آمنة للفرح والتشجيع، لا ساحات للعنف والفوضى للأسف.
وتابع : شهدنا مؤخرًا أحداثًا مؤسفة تعرّض فيها مشجعون للخطر بسبب استخدام العنف في المدرجات، تحت أي ظرف يجب أن يحتوي رجل الأمن الجمهور ولا يقابله بأي تصرف عدواني، في المقابل على المشجع أن يحترم رجل الأمن.
فهل تتمكن السلطات الأمنية من ضبط هذه الثغرات في تعاملها مع شغب الجمهور أم أن إلغاء خيار حضور الجماهير للمباريات هو الحل الأمثل في الظروف الراهنة؟