يعد قطاع الزراعة داخل ليبيا، أحد القطاعات التي تضررت بسبب عدم استقرار الحالة السياسية في البلاد، في وقت حذرت الأمم المتحدة من خطر التصحر في البلاد، حيث صنفت “يونسيف” أكثر من 95 في المئة من البيئة الليبية على أنها صحراوية أو شبه صحراوية، مشددة على الحاجة إلى حماية واستعادة المناطق الخضراء باعتباره أمراً بالغ الأهمية.
من جهتها، أطلقت منظمة الأغذية والزراعة بالأمم المتحدة “الفاو”، عددا من المشاريع المشتركة داخل ليبيا، بالتعاون مع الجهات المختصة بالبلاد بهدف تعزيز الأمن الغذائي.
ووفق دراسة أعدتها جامعة بني وليد للعلوم التطبيقية والإنسانية، فإن الاستثمارات الزراعية في ليبيا لا تزال منخفضة، مقارنة بالمبالغ اللازمة لخطط التنمية الزراعية، ما أثر في أداء وكفاءة القطاع الزراعي.
استثمارات ضعيفة
ويشكل متوسط قيمة الاستثمارات في القطاع الزراعي داخل البلاد، ما يقارب 281.6 مليون دينار، حتى أكتوبر 2023، وهو ما يمثل نحو 11.59% من متوسط قيمة الاستثمارات القومية البالغة نحو 2.4 مليار دينار، وفقاً لدراسة جامعة بني وليد.
وتعمل الفاو على عدد من المشاريع داخل ليبيا، فيما يعد أهمها مشروع الدعم الطارئ لمربي الماشية “الضعفاء” في المناطق المتضررة من الفيضانات في مدينة درنة، إضافة إلى مشروع تعزيز سلاسل قيمة الحبوب ومصايد الأسماك، ومشروع تعزيز حوكمة الإستراتيجيات المتكاملة لتغير المناخ والمياه والطاقة والأمن الغذائي، بحسب تصريحات لكبير مسؤولي السياسات بالمكتب الإقليمي لمنطقة شمال إفريقيا في الفاو لمؤسسة إرم بزنس.
أراض صحراوية
وتعدّ ليبيا رابع أكبر دولة من حيث المساحة في أفريقيا،
حيث تبلغ مليونا و759 ألف كيلومتر مربع تقريبا، منها %2 في المئة فقط أراض صالحة للزراعة، بما يعادل 3.6 مليون هكتار (36 ألف كيلومتر مربع)، وتمثل الأراضي الرعوية نسبة 7.5 في المئة من إجمالي المساحة الكلية، وفقاً لتقديرات وزارة الزراعة.
وفي تصريحات سابقة، قال رئيس اللجنة الوطنية لمكافحة التصحر عبدالغني، في تصريح لوكالة الأنباء الليبية، إن “ليبيا تحتاج إلى ما يقرب من مليار دينار (250 مليون دولار) عبر خطة ثلاثية لإعادة إحياء المشاريع الزراعية وتنفيذ خطط تنمية هذا القطاع المهم والحيوي”.
300 ألف هكتار
وفي سياق متصل، قال مدير عام شركة فيجن الليبية للاستشارات أبوبكر المنصوري في تصريح لموقع إرم بزنس، أن الشركة قدمت خبراتها في تحديد المساحات الاقتصادية الواعدة وأوجه الاستثمار الأمثل بها.
وتابع مدير الشركة وتقدم التي تقدم الاستشارات والتحليلات البحثية الاستشارة لمنظمة الفاو والجهات الليبية في وضع إستراتيجية فعالة لتعزيز القدرة للنهوض بالأمن الغذائي، أنها خلصت إلى وجود 300 ألف هكتار قابلة للزراعة في مناطق بها وفرة مائية بالجنوب الغربي والشرقي من ليبيا.
أخطار أخرى
وتعد ليبيا من أكثر الدول الإفريقية تأثراً بنقص الموارد الغذائية بفعل طبيعتها الصحراوية وندرة المياه الجوفية وتذبذب معدلات سقوط الأمطار، ومحدودية الأراضي الصالحة للزراعة، الأمر الذي يجعل من القدرة على توسعة حجم الاستثمار الزراعي محفوفا بالمخاطر.
وتشكل موجات انتشار الجراد بنوعيه الصحراوي والإفريقي، خطرا كبيرا على المزارعين الذين يتعرضون لخسائر كبيرة وسط قلة دعم الجهات المختصة في البلاد، لهؤلاء المزارعين لحماية مزارعهم من التآكل وخسارة الموسم ماديا، والتي كان آخرها العام الحالي، بعد موجة هجوم الجراد الإفريقي، على مدن تازربو وبني وليد وتراغن وغيرها، وتسببه في خسائر مادية كبيرة بعد تضرر 2 مليون نخلة في تازربو ومساحات زراعية واسعة بمدينتي بني وليد وتراغن.
الأمن الغذائي
وشهد شهر يونيو من السنة الحالية، زيارة وفد من منظمة الأغذية والزراعة بالأمم المتحدة إلى العاصمة طرابلس، بهدف تنظيم اجتماعات مع عدد من الوزارات والمؤسسات الحكومية لمراجعة ومناقشة مخرجات التقرير الوطني الأول لحالة الأمن الغذائي في ليبيا.
الزيارة كانت للعمل على تسليط الضوء بشكل أكبر على ليبيا، إحدى الدول التي تعاني من تغير المناخ وعدم إيلاء السلطات الاهتمام الكبير لقطاع الزراعة، الأمر الذي يشكل تهديدا لتوسع حجمه داخل البلاد، وانحساره داخل مناطق محدودة، مما يتسبب في ارتفاع أسعار المواد الغذائية بشكل لا يستطيع أن يحتمله المواطن.