أثار اعتماد رئاسة مجلس النواب أعضاء مجلس إدارة المصرف المركزي الجديد، ترحيبا محليا ودوليا واسعا، وارتياحا في الشارع الليبي، في ظل انخفاض سعر صرف الدولار إلى نحو 6 دنانير.
أما المجلس الرئاسي، فشهد موقفه من هذه الخطوة خلافا بين أعضائه، خاصة بعد تأكيد مستشار رئيس المجلس زياد دغيم بطلان هذه الخطوة وعدم قانونيتها.
خطوة إيجابية
النائب بالمجلس الرئاسي عبد الله اللافي، وصف استكمال تسمية أعضاء مجلس إدارة المركزي، بالخطوة الإيجابية التي يُبنى عليها لتحقيق الاستقرار وتعزيز الثقة بين الأطراف الفاعلة لمعالجة الانسداد السياسي.
وأشار اللافي، عبر منشور له في صفحته بفيسبوك، إلى أن القرارات غير المدروسة قد تؤدي إلى نتائج غير محمودة، داعيا إلى أن تكون وحدة الوطن واستقراره أولوية عند صانع القرار.
مخالف للقانون
تصريح اللافي جاء على خلاف ما أدلى به مستشار رئيس المجلس الرئاسي زياد دغيم حول القرار، معتبرا أنه يحمل ثلاث مخالفات قانونية.
وأوضح دغيم في تصريح صحفي، أن المخالفة الأولى تتعلق بالاختصاص، بينما تتعلق المخالفة الثانية بقانون المصارف لعام 2005، الذي ينص على ضرورة التشاور الملزم مع المحافظ عند تشكيل المجلس بينما تمثلت المخالفة الثالثة في عدم وجود وكيل عام لوزارة المالية في التشكيل.
وتوقع دغيم تقديم طعن ضد هذا القرار، وأن يقوّم المجلس الرئاسي الأخطاء التي ارتكبها مجلس النواب، وربما يتجه إلى تشكيل مجلس إدارة جديد يشمل شخصيات تتمتع بالخبرة والكفاءة العالية.
تحصين
لكن على عكس ما توقع دغيم، فقد بادرت عدة أطراف إلى مباركة القرار والإشادة به، كان من بينها بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا، التي رحبت بالقرار، مؤكدة أهمية ضمان عمل المركزي باستقلال ونزاهة وشفافية ومساءلة بالتوازي مع إدارته للسياسة النقدية بشكل فعال، مبدية دعمها للإدارة الجديدة وتطلعاتها لتحقيق الاستقرار المالي والاقتصادي في البلاد، داعية إلى ضرورة تحصين المصرف ضد التدخلات السياسية.
خطوة حاسمة
السفارة الأمريكية في ليبيا رحبت هي الأخرى بالقرار، معتبرة أنه خطوة حاسمة نحو تعزيز حوكمة المصرف ومصداقيته لدى المجتمع المالي الدولي، مؤكدة أن استقلاله ونزاهته التكنوقراطية أمران حيويان لاستقرار ليبيا وازدهارها.
تدليس
وقال عضو مجلس النواب عبدالمنعم العرفي، إن كلام “دغيم” مجرد تدليس ودافعه الرغبة في إشراك أشخاص من طرفه في مجلس إدارة المركزي.
وشدد العرفي على أن اختيار اعضاء مجلس إدارة المصرف اختصاص أصيل للمحافظ ونائبه وفق قانون المصارف، وأن مجلس النواب مجتمعا أو متمثلا في هيئة الرئاسة هو من يعتمد القائمة التي يرشحها المحافظ.
استكمال التوافق
وأعلن الحزب الديمقراطي ترحيبه بالقرار، مؤكدًا أن نجاح الإدارة الجديدة للمصرف في أداء مهامها مرتبط بشكل مباشر بتوحيد المؤسسات وإنهاء الانقسام، داعيًا كافة الأطراف إلى تجنب الإجراءات الأحادية والإسراع بالعمل لإنجاح تسوية شاملة تُخرج البلاد من هذا الوضع الممزق عبر استكمال المسار التوافقي من خلال عملية سياسية تيسرها البعثة الأممية وتقود إلى إجراء الانتخابات.
من جهته، رحب المجلس الأعلى للدولة باعتماد النواب لمجلس إدارة المركزي، آملا أن تحقق هذه الخطوة الاستقرار المالي وتحسّن أداء السياسات النقدية وتدعم قيمة الدينار الليبي مقابل العملات الأخرى.
وحث المجلس جميع الفرقاء الليبين شرقا وغربا على عدم اتخاذ أي خطوات أحادية من شأنها المساس بأي من المؤسسات الحساسة.
قرار قانوني
وفي السياق ذاته، قال عضو المجلس الأعلى للدولة سعد بن شرادة للرائد، إن اختيار واعتماد أعضاء مجلس إدارة المركزي، جاء موافقا للقانون، مضيفا أن مَن يقول غير ذلك فهو مجرد رافض لما حدث.
وأوضح بن شرادة أن القانون رقم 1 ينص على أن يرشح المحافظ مجلس الإدارة ويصادق عليه مؤتمر الشعب العام، ويحل محله الآن رئاسة البرلمان، ولا يحتاج إلى عقد جلسة أو تصويت.
خلاف الرئاسي الواضح حول قرار اعتماد مجلس إدارة المركزي، يُرجع إلى الأذهان ما برز من اختلاف في أكثر من موضع كان منها تأكيد عضو المجلس الرئاسي عبد الله اللافي في الـ 13 من أغسطس الماضي، عدم إصدار الرئاسي قرارا بإقالة الكبير وعدم علمه بمثل هذا القرار في حال صدوره.
وتأكيدا لما صرح به اللافي، قال محافظ المركزي السابق الصديق الكبير في الـ 17 من سبتمبر الماضي، إن عضوي الرئاسي عبدالله اللافي وموسى الكوني أخبراه بأن رئيس المجلس محمد المنفي اتخذ قرار إقالته بشكل منفرد.
قرار باطل
وفي حادثة مشابهة، عدّ اللافي في الـ 7 من سبتمبر الماضي، قرار المنفي تشكيل مجلس لمفوضية الاستفتاء الوطني، باطلا ولا يترتب عليه أي أثر قانوني، مشيرا إلى أن جميع قرارات الرئاسي يجب أن تُتخذ بالإجماع وفقًا للاتفاق السياسي، لكنه عاد فحذف المنشور من على صفحته على فيسبوك.
فهل يتوقف رئيس المجلس الرئاسي هذه المرة عن إصدار قرارات أحادية تجاه المركزي وغيره من المؤسسات السيادية أم يتسبب في أزمة أخرى؟