مع اقتراب حلول فصل الشتاء وميل درجات الحرارة للانخفاض بشكل ملحوظ، تشكل البيئة الرطبة مناخا مناسبا لنشاط حشرات تتغذى على أوراق وسيقان النباتات، ويكون التأثير الأكبر للخسائر خلال فصل الصيف والمزارع في المناطق الصحراوية حيث تنتشر حشرات تُفسد منتوجات الحبوب للمزارعين، وتساهم في وقوع خسائر مالية فادحة تنهي الموسم الزراعي لهم مبكرا.
موقع scidev المختص في العلوم بمنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، حذّر، في تقرير خاص عن الزراعة في ليبيا، من تفشي حشرة “عث العنكبوت الأحمر” أو ما يعرف بالعث “ذو النقطتين”، في مزارع الجنوب، مشيرا إلى أنّ تكاثرها السريع في درجات حرارة عالية وتكيفها مع الظروف البيئية المختلفة، يجعلها واحدة من أكثر الآفات الزراعية تدميرا في مناطق شمال إفريقيا وليبيا بشكل أكبر، لعدة عوامل أبرزها غياب وشح الغطاء الأخضر وعدم الاهتمام بتكثيف الزراعة مما يساهم في ارتفاع درجات الحرارة على مناطق شاسعة داخل البلاد.
وأشار التقرير إلى أن العام 2024، يعد واحداً من أسوأ المواسم الزراعية، إذ تعرض خلالها عدد كبير من المزارعين لخسائر جمة، بسبب حجم الأضرار الناتجة عن انتشار حشرة ” عث العنكبوت الأحمر” بشكل أكبر عن السنوات الماضية، موضحا أنّ الحشرة التي لا يتعدى طولها نصف ملليمتر، تتغذى على مجموعة واسعة من النباتات، وتسبب جفاف الأوراق والفواكه وسقوطها.
ويعود تاريخ دخول حشرة “عث العنكبوت الأحمر” في شمال إفريقيا إلى فترة الخمسينيات عبر الشتلات المستوردة من أوروبا وآسيا، وساهم الطقس في سرعة انتشارها من مصر حتى موريتانيا، إذ يسرّع ارتفاع درجات الحرارة دورة حياتها، لأنه يقلل من الوقت الذي تستغرقه الحشرة للانتقال من البيضة إلى مرحلة البلوغ، مما يزيد معدل التكاثر.
ورغم استعمال المبيدات الحشرية للقضاء على هذه الآفة إلا أن تأثير ذلك عليها كان يسيرا، بسبب قدرة الحشرة على التأقلم والبقاء مع مرور السنوات، فيما يتبقى الحل الوحيد هو المتابعة بشكل دقيق للحقول والمزارع، للتقليل من الخسائر الناجمة عن عث العنكبوت الأحمر، بحسب تصريحات لإدارة المركز الوطني الليبي للوقاية والحجر الصحي الزراعي، بالعاصمة طرابلس.
في الوقت ذاته، شهدت الآفة انتشارا واسعا في جميع أنحاء البلاد من المناطق الشرقية والوسطى إلى الساحل الغربي بأكمله من زليتن إلى زوارة، وكذلك مناطق الجبل الغربي والواحات ومدن المنطقة الجنوبية، في انتظار تدخل الدولة لاستيراد مواد فعالة للقضاء عليها أو هكذا هي تطلعات المزارعين في ليبيا.