تتجه الأنظار إلى التأثيرات المتوقعة على الأوضاع الاقتصادية والسياسية في ليبيا، في حال نجح مجلسا النواب والأعلى للدولة في انتخاب المحافظ التوافقي للمصرف المركزي ناجي عيسى ونائبه مرعي البرعصي، وتجاوزا بسلام العقبة الأخيرة المتبقية لتتصيب مجلس الإدارة الجديدة وطي صفحة أزمة المركزي المستمرة منذ قرار المجلس الرئاسي تنحية الصديق الكبير، وتعيين هيئة مؤقتة جديدة لإدارة المؤسسة المالية الكبرى بالبلاد.
• سوق العملة تستجيب
على الأرض، تفاعلت السوق السوداء لصرف العملة المحلية مقابل العملات الأجنبية بنفَس إيجابي مع أخبار الاتفاق، واستعاد الدينار بعض عافيته ولامس في نهاية مساء السبت مستوى 7.20 دنانير للدولار الواحد.
كما نقلت تقارير إعلامية عديدة أن إغلاقات الحقول والمنشآت النفطية التي مست عديد المناطق في الجنوب والشرق، في طريقها فعلا لأن ترفع بمجرد الانتهاء من عملية الانتخاب وتنصيب الإدارة الجديدة للمصرف المركزي، وكثفت فعلا القوى الغربية الكبرى ضغوطها، وقالت مصادر إعلامية عدة إنها “تلقت رسائل مطمئنة” في هذا الاتجاه.
• عودة متوقعة للمعاملات الدولية
ومن المتوقع أن تعيد كبريات المصارف والمؤسسات الدولية الكبرى ربط المعاملات المالية الطبيعية مع المصرف المركزي، بعد قطيعة فرضها نحو 30 مصرفا ومؤسسة مالية، مما سيعيد دورة تحصيل وتحويل إيرادات النفط إلى سكتها الطبيعية، كما سينهي التوقف غير المعلن لتبادلات التجارة الخارجية عبر الاعتمادات المستندية، والتي بدأت انعكاساتها تمس مخزونات الغذاء والدواء، بتأثير فعلي مباشر أو كنتيجة للمضاربة في السوق.
وفي المجمل، فإن الانعكاسات الجيدة والفورية لتنصيب مجلس الإدارة الجديدة ستتحدد بمعالجة آثار الأزمة المستمرة منذ أسابيع.
• فريق السياسات السابقة
بالمقابل، قد يكون من الصعب توقع تغييرات كبيرة في السياسة الاقتصادية والمالية لمجلس الإدارة التوافقي للمصرف المركزي، فالمحافظ ونائبه كانا في صدارة الفريق الذي صنع القرارات واالسياسات المالية والنقدية السابقة للمركزي في مرحلة الصديق الكبير، كما ان طبيعة الوضع المؤقت لهما، سيفرض عليهما تجنب قرارات وتحولات كبيرة تثير مزيدا من اللغط والجدل.
فالتوجه السابق للمركزي بحصر الإنفاق في الضرورات من مرتبات سيتعزز لأنه أصبح مطلبا من النواب والدولة والبعثة الأممية أيضا، ولا شيء يوحي حتى الآن بإلغاء الضريبة على بيع النقد الأجنبي إلا إذا اتجه مجلسا النواب والأعلى الدولة إلى قرارات جديدة في الخصوص، نحو تحفيضها، كما يردد البعض.
أما قرار سحب ورقة الخمسين دينار فلا أحد ينوي إلغاءه، ومنهم الإدارة التي عينها الرئاسي التي وجه خلال الأيام الماضية بالاستمرار فيه.
• نافذة في جدار الحل السياسي
ويبقى السؤال الأهم هو هل ستنجح البعثة الأممية ومعها بقية الأطراف الليبية المشاركة في الاتفاق في تحويله إلى أرضية صلبة لحل سياسي شامل، كما يزعم بعضها و تتبناه القوى الدولية؟
ويرى هؤلاء أن حل ازمة المركزي قد يمهد للتوافق على المناصب السيادية الأخرى محل الخلاف، في عديد المؤسسات، وقد يفضي في مرحلة قريبة لتشكيل حكومة انتقالية تتولى التحضير للانتخابات القادمة، خاصة أن المجموعة الدولية الراعية للاتفاق تقول إن نجاح المسعى الجديد مرهون بالتوافق على موازنة موحدة.