لكل مرحلة من التاريخ سمة عامة تجمع رجالها !
وهذه السمة العامة تصنع تناسباً عجيبا بينهم ، فيستقطب رجال كل مجال من مجالات الحياة أشباههم ونظراءهم من الرجال !
ومن السنن الاجتماعية التي أودعها الله تعالى في الكون ، أن محاربة القدوات، وغياب أو تغييب القامات العالية في العلم والأدب والمروءة ، سرعان ما يتيح الفرصة لصعود “الأقزام” على سطح الحياة العامة، لأن الطبيعة – كما يقال – تكره الفراغ ، فينادي بعضهم بعضا، ويمهد بعضهم لبعض، ويتواطأ بعضهم مع بعض لاستبعاد كل من يُذكّرهم بقيمتهم وقاماتهم، ويزن الأمورَ بغير ميزانهم؛ فتنصبغ مظاهر الحياة السياسية والثقافية والأدبية والتجارية بالتافهين، أو بمصطلح الشريعة ” الرويبضات “…فيفسد العلم ويُبتذل الشعرُ والأدب، ويدول المال في أيدي السفهاء، ويعلو سوط الجور والظلم على صوت الحكمة والعلم ، وتصبح الفضيلة سلعة كاسدة في سوق الأقزام .
من يقرأ التاريخ ويقف عند محطاته سيرى تناسبا عجيبا بين قيمة الحكام، وقامة الأعيان في العصور الماضية .
ولكن رسالة الإسلام السامية، تهيب بكل صالح مصلح أن يتحلى بالصبر الجميل، والأمل الفسيح ، ويشمر عن ساعد الجد، ويبذل الوسع لإصلاح ما أفسد الناس، ويحارب خمائر اليأس والقنوط، في قلوب الشباب، ويستعين بالله على غرس فسائل الرحمة والخير، فقد انطلقت كل الحضارات والنهضات على ركام كبير من الجهل والتخلف وهيمنة التافهين.
والتاريخ يعيد نفسه، وتلك ﴿ سُنَّةَ ٱللَّهِ فِي ٱلَّذِينَ خَلَوۡاْ مِن قَبۡلُۖ وَلَن تَجِدَ لِسُنَّةِ ٱللَّهِ تَبۡدِيلٗا ﴾