أثار قرار مجلس النواب سحب صفة القائد الأعلى من المجلس الرئاسي من جهة، وما يتداول عن عزم الرئاسي استبدال إدارة المصرف المركزي من جهة أخرى، ردود فعل رافضة ومستنكرة، وتخوفات من أن تقوض تلك القرارات كل التوافقات التي أنجزت خلال المدة الماضية.
نزع الصفة من الرئاسي
مجلس النواب أعلن تصويته بالإجماع على اعتبار رئيسه عقيلة صالح القائد الأعلى للجيش الليبي، كما جاء في الإعلان الدستوري، ونزع هذه الصفة من المجلس الرئاسي.
و صوت المجلس، في جلسته المنعقدة ببنغازي، على إنهاء ولاية حكومة الوحدة، واعتبار حكومة “أسامة حماد” الحكومة الشرعية حتى اختيار حكومة موحدة.
إعادة نظر
وقال رئيس المجلس عقيلة صالح، إن المرحلة التمهيدية التي جاءت بالمجلس الرئاسي وحكومة الوحدة انتهت بانتهاء المدد المحددة لها.
وتابع أن من الضروري إعادة النظر في اتفاق جنيف للمرحلة التمهيدية، لا سيما أنه لم يُضمَّن في الإعلان الدستوري الذي يعتبر السند لكل السلطات.
ورأى عقيلة أنه يجب تقسيم ليبيا لمحافظات، وأن لا حل للأزمة سوى تقسيم الثروة بين الأقاليم.
قرار باطل
وفي رد سريع على خطاب عقيلة، أكد رئيس المجلس الأعلى للدولة خالد المشري، أن القرار المتخذ في جلسة الثلاثاء بشأن سحب صفة القائد الأعلى للجيش يُعتبر باطلًا، وذلك نظرًا لمخالفته للمادة 12 من الاتفاق السياسي.
وأشار المشري إلى ضرورة أن يخضع أي تعديل في الإعلان الدستوري للتوافق بين مجلسي النواب والدولة لإقراره نهائيا، وهو ما لم يحدث، وفقا لرسالة المشري الموجهة إلى عقيلة.
تقوض التوافقات
وفي السياق ذاته، أعرب الحزب الديمقراطي عن تحفظه على ما صدر عن مجلس النواب في جلسته فيما يتعلق بسحب صفة القائد الأعلى من المجلس الرئاسي، محذرا من أن ذلك يقوض التوافقات السابقة بين مجلسي النواب والدولة.
تداعيات سلبية
الديمقراطي تطرق، خلال بيانه بالخصوص، إلى ما توارد عن نية الرئاسي تغيير إدارة المصرف المركزي وهو ما دعاه إلى القول بأن أي تغيير غير توافقي لصفة القائد الأعلى للجيش أو لإدارة المركزي، سيؤدي إلى تداعيات سلبية على العملية السياسية.
ووصف البيان الخطوة المرتقبة للرئاسي بأنها تجاوز لصلاحياته وانتهاك للإعلان الدستوري وتعدٍّ على صلاحيات السلطة التشريعية، وأنها ستحدث مزيدا من الفوضى في ظل المشهد المرتبك والمتوتر، داعيا الرئاسي والنواب إلى تجنب أي خطوة قد تؤدي إلى مزيد من الانقسام.
تحذير أمريكي
من جانبه، حذر المبعوث الأميركي لليبيا ريتشار نورلاند من أن محاولة استبدال قيادة المصرف بالقوة قد تؤدي إلى فقدان ليبيا الوصول إلى الأسواق المالية الدولية.
وأوضح نورلاند، خلال لقاء جمعه مع الصديق الكبير بمقر سفارة واشنطن في العاصمة التونسية، أن التهديدات لأمن موظفي المركزي وعملياته غير مقبولة.
نفق مظلم
وأكد الائتلاف الوطني لأبناء ليبيا، أن مواقف مجلسي النواب والرئاسي، واتخاذهما قرارات أحادية، ستدخل البلاد في نفق مظلم.
وتابع الائتلاف، في بيان له، أن قرار إعادة تسميه القائد الأعلى للجيش يجب أن يكون باعتراف دولي، ولا يجوز سحب هذه الصفة من المجلس الرئاسي إلا باتفاق سياسي جديد.
ودعا الائتلاف مجلسي النواب والرئاسي إلى رمي الخلاف جانبا والوقوف صفا واحدا في مواجهة المؤامرات التي تشكل خطرا كبيرا على استقرار البلاد.
تخبط سياسي
ورأى أستاذ العلوم السياسية بجامعة نالوت، إلياس الباروني في تصريح للرائد، أن قرار المجلس الرئاسي بإنشاء مفوضية للاستفتاء على الدستور أثار غضب مجلس النواب؛ مما دفعه لسحب صفة القائد الأعلى للجيش من الرئاسي.
وتابع الباروني أن التخبط السياسي والأمني والتدخلات الإقليمية والدولية وغياب رؤية شاملة لحل الأزمة الليبية، كلها تعرقل تنفيذ الاستحقاق الانتخابي على أسس دستورية متفق عليها.
وأشار إلى أن التدهور الأمني وتحرك حفتر نحو الجنوب الغربي، والنزاع بين المجموعات المسلحة، وانقسام مجلس الدولة، أسهمت كلها في خلق فوضى شاملة.
وفي سياق متصل، بين الباروني أن التجاذبات المتعلقة بمصير محافظ مصرف ليبيا المركزي الصديق الكبير، بعد عشر سنوات في المنصب، تُشير إلى انسداد حقيقي وعجز المؤسسات الليبية عن تقديم حل نهائي للأزمة.
تمكين حفتر
بدوره، قال الكاتب الصحفي موسى تيهوساي إن قرار مجلس النواب بعد جزء من محاولات التصعيد الحالية في المشهد السياسي الليبي.
ورأى تيهوساي أن عقيلة يسعى لتمكين حفتر من السيطرة الكاملة على الجيش دون أي تدخل أو إحراج من الرئاسي، عندما يقرر نقل قواته أو اتخاذ أي إجراء دون الحاجة إلى تبرير.
مشيرا إلى أن الوضع مرتبط أيضًا بحملة التصعيد المخيفة التي تشهدها البلاد، والتي قد تعيد ليبيا إلى دائرة الصراع مرة أخرى.