ضجت الصحافة الدولية بخبر حبس مسؤولين بالجمارك بقرار من النائب العام؛ لاتهامهم بتصدير 26 طنا من الذهب عبر مطار مصراتة الدولي بالمخالفة للقانون، هذا الرقم المخيف يعادل تقريبا احتياطي الذهب لدولتي تونس والمغرب مجتمعتين.
بيان النائب العام بخصوص الواقعة أكد تورط مسؤولي الشؤون الجمركية بالمطار، وتآمرهم مع آخرين على إخراج 25 ألفا و875 كيلوغراما من سبائك الذهب، بالإضافة إلى 319 كيلوغراما بالمخالفة للتشريعات الناظمة، حيث تقدر القيمة المالية للذهب المضبوط بـ 1.8 مليار دولار، بحسب الأسعار الحالية عالميا. لكن هناك أسئلة مهمة ظلت عالقة في هذه المعادلة.
صراع أمني
بيان النائب العام قال إن قراره جاء مُحَصِّلَة تقارير جهاز الأمن الداخلي وبحث أجراه النائب العام لفهم سلوكيات مسؤولي الجمارك.
ما يعني أن الكمية المعلنة جرى تهريبها في عدة عمليات وخلال فترة زمنية غير محددة سبقت انفجار الصراع بين الأمن الداخلي وجمرك مصراتة المدعومين من جهات أمنية أخرى في المدينة.
وفي ديسمبر الماضي تداولت مواقع التواصل الاجتماعي الليبية تسجيلات صوتية تتعلق بواقعة تهريب كميات كبيرة من الذهب عبر مطار مصراتة،
وتحتوي التسجيلات على مكالمات بين مسوؤلين بجمرك مطار مصراتة وأحد قادة الجهات الأمنية تشير إلى التنسيق فيما بينهما في ترتيب عمليات التهريب، وتواطؤ هيئة الرقابة الإدارية فيما يتعلق بالواقعة.
وتحدثت تقارير إعلامية عن تهريب 8500 كيلوغرام من الذهب عبر مطار مصراتة، وهو ما نفاه المسؤولون في مركز جمرك المطار.
تحت غطاء التصدير
وقال النائب العام إن من بين المحبوسين مدير مصلحة الجمارك ورئيس لجنة التصدير المؤقت للذهب في مطار مصراتة.
ولا تُجرى عمليات الاتجار بالذهب وتصديره سوى عبر المصرف المركزي الليبي، عن طريق شركات مرخصة ووفق شروط محددة، بحسب النيابة العامة.
تهريب الذهب جرى تحت غطاء التصدير المؤقت وهو الاستثناء الوحيد الذي منحه القانون لتصدير الذهب المكسور بغرض إصلاحه ثم إعادة توريده ويدون في محاضر لجنة عليا يشكلها وزير المالية ويوقع على قراراتها مدير مصلحة الجمارك.
وجهة الذهب المهرب
وكشفت تصريحات سابقة لجهاز الأمن الداخلي عن وجهة الذهب المهرب.
وقالت إنه يشحن في رحلات يتجه أغلبها إلى تركيا ليسوق داخلها أو يشحن مرة أخرى لدولة ثالثة.
وفي سياق متصل كشفت تقارير أممية سابقة أن الذهب المهرب يأتي من مناجم في تشاد ودول إفريقية أخرى لكنها رصدت وجود مناجم غير قانونية في جنوب ليبيا أيضا.
وفق الضوابط القانونية
و في ديسمبر الماضي نفى مسؤولون في مركز جمرك مطار مصراتة في مؤتمر صحفي الاتهامات بتهريب الذهب.
وقال رئيس المركز العقيد فتحي مخلوف إن تصدير الذهب يجري وفق الضوابط القانونية، وذلك عبر دورة مستندية؛ إذ يجرى فرض ضمان مالي بقيمة الذهب المصدر إلى حين إعادة استيراده، بالإضافة إلى إجراءات المعايرة من قبل غرفة التجارة والصناعة بمصراتة.
من جهته نفى أيضا مدير مديرية جمارك مصراتة عثمان بن زاهية ما تردد عن تهريب كميات من الذهب عن طريق المطار.
وقال إن الذهب ليس من البضائع المحظور تصديرها، مبينا أن التصدير يجري وفق الإجراءات القانونية من قبل وزير الاقتصاد والتجارة بموافقة كتابية وخطية من مدير عام مصلحة الجمارك.
وتحدث بن زاهية عن الاستعداد لرفع دعوى جنائية ضد صفحات التواصل الاجتماعي بشأن الاتهامات الموجهة إلى أعضاء مركز جمرك مصراتة الدولي وأعضاء قوة العمليات المشتركة فيما نُسب إليهم.
بداية الواقعة
وتعود القضية إلى منتصف ديسمبر من عام 2023 حيث توقفت حركة الطيران داخل مطار مصراتة الدولي؛ بسبب صراعات وخلافات بين الأجهزة الأمنية حول تهريب الذهب عبر المطار إلى تركيا، وفق مصادر محلية. علقت حينها الرحلات بعد إغلاق منظومة الجوازات من طرف غرفة السيطرة في طرابلس
وتصاعدت اتهامات من “جهاز الأمن الداخلي” لجهاز أمني معين بالضلوع في عملية تهريب الذهب إلى تركيا ليعلن مطلع يناير الماضي النائب العام الصديق الصور، فتح تحقيق في قضية تهريب الذهب عبر مطار مصراتة، بعدما أحال جهاز الأمن الداخلي محضر استدلال بالخصوص.
وأوضح الصور في مؤتمر صحفي أن التصدير النهائي للذهب من اختصاص مصرف ليبيا المركزي، لكن التصدير المؤقت بغرض التصنيع يحتاج إلى إجراءات، من بينها تحديد الوزن، ودفع الرسوم والتأكد من الوزن وكون الشركات مرخصة.
وأردف قائلا “مدير عام الجمارك يعطي التفويضات لبعض الشركات، لكن هل الإجراءات صحيحة والأوزان صحيحة، ولا يوجد تهريب؟ … تساؤلات عديدة تحتاج إلى إجابة”.
احتياطي ليبيا من الذهب
وتحتل ليبيا المرتبة الثالثة إفريقيّا في احتياطي الذهب بامتلاكها 116 طناً خلال العام الماضي، بحسب موقع “بيزنس إنسايدر أفريكا”، لكنها تحتل المرتبة 170 في مؤشر مدركات الفساد للعام ذاته، مرتفعة مرتبة واحدة عن عام 2022 حين جاءت في المرتبة 171 من أصل 180 دولة يشملها المؤشر.