يهاجم سهيل الغرياني تيارَ التوافق، ويعيب على بعضهم أن زار مدينته المنكوبة (درنة) أو تواصل مع أهله في مناطق ومدن ليبيا، ووصفَ هؤلاء بالذلة للمجرمين، وأتى بآية من كتاب الله (فسوف يأتي الله بقوم يحبهم ويحبونه أذلة على المؤمنين أعزة على الكافرين يجاهدون في سبيل الله ولا يخافون لومة لائم) واستشهد بها في غير محلها وأنزلها في غير ما أنزلت، وجعل الأمر وكأنه تواصل مع كفارٍ حربيينَ بذلة وخضوع لهم، ولا يخفى أن هذا الاستشهاد بهذه الآية فيه نَفَسٌ تكفيري واضح وغلوٌّ ظاهر، يعكس عقلية صاحبها التي يفكر بها ويعالج بها الأمور والقضايا، وهو يرأس مؤسسة إعلامية ترفع شعار الإرشاد والنصح.
وإذا سلمنا لـ(سهيل الغرياني) باستشهاده بهذه الآية ووصفه لتيار التوافق بالذلة، أفليس الدبيبة أولى أن يوصف بهذا الوصف عندما زار أبناء بن زايد مرات آخرها في شهر فبراير الماضي (وهم -بحسب وصفكم- أشد إجراماً وأظهر فساداً وقد حرّم تياركم الجلوس معهم واعتبرهم عرّابي مشروع التطبيع في المنطقة)؟ ولماذا لم تتبرأ من حكومة الدبيبة وقد تورطت في التطبيع مع كيان الصـهاينة؟ ولماذا خرست ألسنتكم وأمسكت أقلامكم عن صفقة الدبيبة وحفتر بخصوص مؤسسة النفط؟
ولكن يبدو أن جلوس الدبيبة إلى المفتي في إعلان الصوم والإفطار يمحو خطاياه ويغفر زلاته، ويجعل الكيل بمكيالين جائزاً وربما مستحباً، وكما قيل عين الرضا عن كل عيب كليلة.
إن في تيار التوافق من دفع سنين من عمره في غياهب السجون لأنه قال كلمة الحق ولم يعطِ الدنية ولم يرضَ الذلة، في وقت رأى غيره المداراة نهجاً أسلم وسبيلاً أفضل، وإن هذا التيار يرى كل الليبيين إخوة، دماؤهم معصومة والسعي فيهم بالإصلاح والمصالحة أولى وأنفع وأنجع، والله من وراء القصد.