تسعى حكومة الدبيبة للعب دور الوسيط في ملف الصراع السوداني المشتعل منذ أشهر عديدة إذ إن استمرار تدهور الأوضاع هناك بات يلقى بظلاله السيئة على الواقع الليبي،
وبينما يرى كثيرون أن الحكومة في طرابلس ليست مؤهلة لخوض مثل هذا الدور في ظل الأزمات الداخلية المتعاقبة التي تنتظر منها حلا، يتساءل آخرون عن دلالة وقت هذه المبادرة وفرص نجاحها والداعمين الإقليميين لها.
فرصة ضعيفة
الكاتب الصحفي عبد العزيز الغناي يرى أن لقاء الدبيبة البرهان وحميدتي هو محاولة لإظهار أن حكومته تقف عند المسافة نفسها من طرفي النزاع، إذ تدعم دول مصر وتركيا والسعودية البرهان بينما تدعم الإمارات وروسيا حميدتي، مشيرا إلى أنها مجرد بروباغاندا إعلامية تخدم الحكومة والدول الداعمة لها وتخدم حميدتي والدول الداعمة له.
وتوقع الغناي، في تصريح للرائد، دعم دولة إقليمية لرعاية الحكومة في طرابلس للاتفاق بين طرفي النزاع في السودان رغم تعقيد الموقف وصعوبة الوصول إلى ذلك، مشيرا إلى أن فرص نجاح الحكومة في تلك الوساطة ضعيفة.
ليست ليبية
وفي السياق ذاته، يرى الكاتب الصحفي موسى تيهوساي أن المبادرة في الأساس ليست ليبية من الدبيبة بل مبادرة إقليمية تقف وراءها الإمارات لمحاولة إعادة التموضع في المشهد السياسي بدور راعي السلام، بعد ما كشفت تقارير كثيرة عن تورطها في دعم الصراع بالسودان.
وبيّن تيهوساي، في تصريح للرائد، أن الدبيبة لعب هذا الدور في محاولة منه لتحقيق مكسب سياسي وتغطية فشله الداخلي، خاصة ملفات الدولار والتنمية والصراع على الشرعية والحكومة، مشيرا إلى أن المبادرة ليست قابلة للتطبيق واقعيا على الأرض في السودان، وربما تحصل على نوع من التأييد من دول جوار السودان، وهذا لا يعني أنها يمكن أن تنجح.
استهلاك إعلامي
ومن جانب آخر، يرى الكاتب الصحفي علي أبو زيد أن لعب دور الوساطة يتطلب أن يتمتع الوسيط بحالة من الاستقرار والحضور الإقليمي المؤثر على الأقل، أما أن تأتي الوساطة من طرف سياسي متنازَع على شرعيته داخليا، ولا يملك أي تأثير أو حضور خارجيا، فهذا الأمر إما أن يكون لمجرد الاستهلاك الإعلامي، وإما لأنه ليس الوسيط الفعلي بل استُخدم مبدئيا لكسر الحواجز بين طرفي النزاع في السودان وسيجري تجاوزه بعد ذلك، وهذا هو الأقرب.
وأضاف أبو زيد، في تصريح للرائد، أنه كان الأولى بالحكومة أن تهتم بحل الأزمة الداخلية بدلا من لعب دور مُتخيَّل لا تملك أدوات إنجازه.
قد تنجح
أستاذ القانون في جامعة درنة راقي المسماري يرى أن وقت المبادرة مهم جدا، خاصة للأطراف السودانية، إذن إن الحسم العسكري بينها بات صعبا للغاية عقب مضي نحو عام على اندلاع الاشتباكات.
وأوضح المسماري، في تصريح الرائد، أن فرص نجاح المبادرة كبيرة جدا وربما مؤقتا لو باتت الأطراف السودانية مقتنعة بعدم جدوى الحرب.
وأشار المسماري إلى وجود طرف دولي أراد ترتيب هذه الوساطة من خلال طرابلس، وفي الوقت ذاته يحاول إنقاذ حكومة الدبيبة من الضغوط السياسية المتزايدة عليها مؤخرا، وهو ما يفسر رد فعل البعثة الأممية والدول الكبرى على لقاء تونس الذي جمع أعضاء بمجلسي النواب والدولة للتوافق على تشكيل حكومة جديدة.
لا تملك ثقلاً
من جانبها، قالت الكاتبة والصحفية السودانية صباح الحسن، إن حكومة الدبيبة لا تملك ثقلاً كبيرا يؤهلها لتلعب دورا رئيسا في حل الأزمة السودانية بعيدا عن حلفائها، مشيرة إلى أن دورها قد يكون ثانويا لتجهيز مسرح يجتمع عليه البرهان وحميدتي.
وأوضحت الحسن، في مقال نشرته شبكة الرائد، أن ذاك المسرح ربما تُعدّ كواليسه الإمارات التي تقوم بدفع عملية إنجاح منبر جدة وتسعى لضرب خيام المشاركة الفعلية في الحل بعيدا عن أراضيها في ظل ما تواجهه من اتهامات من قادة الجيش وصلت حد التراشق في الخطاب العسكري الأمر الذي يصعّب تعاطيها مع الأزمة مباشرة.
وكان الدبيبة استقبل أمس قائد قوات الدعم السريع محمد حمدان دقلو “حميدتي” في طرابلس لمناقشة الوضع في السودان ومبادرات وقف الحرب وتحقيق السلام، وذلك إثر لقائه الثلاثاء الماضي رئيس مجلس السيادة الانتقالي بالسودان عبد الفتاح البرهان، لمناقشة الملف ذاته.