عندما واجهت حكومة الوحدة الوطنية الليبية بقيادة عبد الحميد الدبيبة، رياح الزوال بسبب سحب البرلمان الليبي الثقة منها لانتهاء ولايتها، وحاصرتها القوى السياسية وطالبتها بالرحيل وأعلنت مصر موقفها الصريح برفضها، في ظل تلك الظروف، بسطت الإمارات يدها للحكومة وتعهدت بدعمها الكامل لها.
وعلق مراقبون سياسيون آنذاك أن الإمارات مثل غيرها من الدول التي بدأت تستشعر تآكل حكومة الدبيبة وانحسارها في الغرب وخضوعها للمليشيات، ومنهم من قال إن دعم محمد بن زايد للدبيبة يأتي لرفضه لمعارضيه من القيادات الليبية الأخرى،
وشكل دعم الإمارات سنداً كبيرا للدبيبة وجعله يعلن بقوة أنه لن يترك منصبه قبل إجراء انتخابات عامه، وازدهرت علاقة حكومته سياسيا واقتصاديا مع الإمارات.
وفي يوم السبت دخلت ليبيا على خط حل الأزمة السودانية ووجهت حكومة الوحدة الوطنية بقيادة عبد الحميد الدبيبة الدعوة إلى قائد الدعم السريع الفريق محمد حمدان دقلو لزيارة ليبيا، في حين غادر قائد الجيش عبد الفتاح البرهان البلاد إلى ليبيا للقاء رئيس المجلس الرئاسي محمد المنفي، ورئيس حكومة الوحدة الوطنية عبدالحميد الدبيبة، وأعلن الأخير مبادرة لإحلال السلام ووقف إطلاق النار في السودان.
وبالعودة إلى تاريخ الحرب وما قبلها وبعيداً عن العلاقات التي تجمع البلدين، تجد أن الفريق محمد حمدان دقلو تربطه بليبيا علاقات عسكرية وتبادل مصالح أكثر من الفريق البرهان، وذلك بوجوده عسكريا على منافذ ليبيا وقواته التي تعمل في محاربة الهجرة غير الشرعية وتربطه خيوط عسكرية أخرى بعد الحرب مع عدد من القيادات الليبية، وبما أن ليبيا تعيش ظروفا أمنية وسياسية واقتصادية مضطربة.
فما سبق ذكره، يعزز أن حكومة الدبيبة لا تملك ثقلاً كبيرا يؤهلها لتلعب دورا رئيسا في حل الأزمة السودانية بعيدا عن حلفائها.
لكن في الوقت عينه فإن الخطوة تكشف أنها يمكن أن تلعب دورا ثانوياً يجعلها قادرة على تجهيز مسرح يجتمع عليه كل من قائد الجيش وقائد الدعم السريع،
وهذا المسرح ربما تعد كواليسه دولة الإمارات العربية التي تقوم بدفع عملية إنجاح منبر جدة وتسعى لضرب خيام المشاركة الفعلية في الحل بعيدا عن أراضيها بغية ما تواجهه من اتهامات من قادة الجيش وصلت إلى حد التراشق في الخطاب العسكري الأمر الذي يصعّب تعاطيها مع الأزمة مباشرة.
وهذه الواجهة على طاولة الحل لم تكن الأولى، فسبق أن كانت المنامة مسرحا بحرينيا جمعت كواليسه أجهزة مخابرات الإمارات ومصر برعاية أمريكية، فطالما أن الإمارات الداعمة لخيار التفاوض بدأت خطواتها في المنامة بحضور الرجل الثاني في الجيش، فما الذي يمنع أن تكون طرابلس مكملة لما بدأ في المنامة بتمثيل أعلى!!