حراك متسارع لمنتسبي جهاز حرس المنشآت النفطية الذي يهددون بإغلاق المنشآت القائمين عليها إذا لم يستجب لمطالبهم بحقوقهم ومستحقاتهم المالية، في ظل واقع سياسي يزداد تعقيدا كل يوم إثر الانسداد المستمر في ملف التوافق على إيجاد حكومة موحدة تقود البلاد الى الانتخابات، وهو ما ألقى بظلاله السيئة على الواقع الاقتصادي المتأزم وسط انهيار العملة المحلية أمام الدولار الذي بلغ 7,70 دنانير، وهو ما يدعو للتساؤل عن تداعيات هذه الإغلاقات المتوقعة على الواقعين الاقتصادي والسياسي ودلالات توقيتها.
اتساع رقعة الفساد
الكاتب الصحفي علي أبو زيد يرى في الإغلاقات والاعتصامات انعكاسا ونتيجة للوضع السياسي والاقتصادي الذي تعيشه البلاد، مبينا أن انقسام المؤسسات والانسداد السياسي، واتساع رقعة الفساد على حساب الإصلاح الاقتصادي، سيزيد الضغط على الفئات الهشة وأصحاب الأوضاع الاقتصادية الصعبة، وسيؤدي في نهاية المطاف إلى الضغط من خلال إغلاق المؤسسات بوصفه حلا أخيرا لتلبية مطالبهم.
وتوقع أبوزيد في تصريح للرائد، أن يكون لهذه الاغلاقات آثار سلبية على الوضع الاقتصادي المتأزم، ما يجعل التوافق على حل سياسي أكثر إلحاحا من أي وقت مضى.
عادة لن تتوقف
بدوره، يرى الكاتب الصحفي موسى تيهوساي أن عادة اغلاق الحقول النفطية لن تتوقف، خصوصا تلك التي لديها تحركها دوافع سياسية لأن الوضع الحالي مناسب لاستخدام النفط ورقةً سياسيةً بفعل الجمود السياسي والاستقطاب الحاد الذي تشهده البلاد حاليا.
وأشار تيهوساي إلى أن الصراع حول السلطة التنفيذية ورجوع الأطراف إلى مرحلة التلويح بالقوة يعزز هذه الإغلاقات، مضيفا أن الإغلاقات النفطية تصرف سياسي فج وبالغ الخطورة على قطاع الطاقة في ليبيا، خاصة على ثقة الأطراف الدولية بالنفط الليبي التي لن تعول عليها ليكون مصدرا موثوقا للطاقة.
تغيير الحكومة
ويقول الكاتب الصحفي عبدالعزيز الغناي، إن الاغلاقات واجهة لطلب عريض بتغيير الحكومة.
وتابع الغناي أن هذا الوضع لن يتحسن إلا بتغيير حكومي لأن المأخذ هو سوء إدارة الحكومة لأموال النفط، وإغلاق النفط ومن ثم ارتفاع سعر الدولار أداة قوية للضغط على الحكومة من أجل التنحي.
وأوضح الغناي أن تلك الإغلاقات قد جاءت في توقيت قاتل يزيد الوضع الاقتصادي صعوبةً مع ارتفاع سعر الدولار مقابل الدينار، وما يصحب هذا الوضع من تبعات على مستوى نشوب الحروب وشراء الذمم وتململ الشعب مما يصعب تمرير صفقة تقاسم سلطة أو تمرير صفقة بحجم تطوير حقل الحمادة النفطي في ظل الاستقطاب الإقليمي والدولي.
ضد الحكومة
في حين يرى أستاذ القانون في جامعة درنة راقي المسماري في تصريح للرائد أن احتجاجات حرس المنشآت النفطية تأتي لتحسين أوضاعهم المعيشية لكنها في الوقت ذاته مدعومة من أطراف سياسية لتأزيم المشهد، في ظل تصاعد الحراك السياسي ضد حكومة الوحدة في عدة مدن من بينها مصراتة والزنتان من أجل فرض التغيير الحكومي كونه شرطا لازما لإجراء الانتخابات المنتظرة.
إغلاقات مفتعلة
من جهتها، تحدثت وكالة “نوفا” الأيطالية عن موجة البيانات الأخيرة من حرس المنشآت النفطية لإغلاق خطوط النفط والغاز، خاصة خط “غرين ستريم” الذي يوصل الغاز لإيطاليا.
واتهمت الوكالة الدبيبة بالوقوف وراء بعض هذه الإغلاقات في محاولة منه للضغط على الأمريكيين أو الإيطاليين لمساعدته في إقناع محافظ المركزي للإفراج عن الأموال وإصدار موازنة مغلقة لحكومته، مشيرة إلى أن الإغلاق من شأنه أن يضر بصورة الدبيبة في الخارج ويعرض استقرار إمدادات الكهرباء للخطر.
إغلاقات متتابعة
وأعلن حرس المنشآت النفطية الفرع الجنوبي بحقل الوفاء غلق كافة الحقول وخطوط وصمامات نقل النفط والغاز الواقعة في محيط المنطقة، بسبب عدم إيفاء حكومة الدبيبة بوعودها بصرف مستحقاتهم.
كما أعلن منتسبو جهاز حرس المنشآت بطرابلس ونالوت تضامنهم مع زملائهم المعتصمين في باقي الفروع، وعزمهم إقفال المنشآت النفطية إلى حين تحقيق مطالبهم
في حين أعلن منتسبو جهاز حرس المنشآت النفطية، في 20 فبراير الجاري، إغلاق مجمع مليتة النفطي، ومصفاة الزاوية ومجمع مصراتة النفطي، ومنح مهلة 5 أيام قبل تنفيذ الإغلاق بشكل نهائي.
وفي الـ 18 من فبراير الماضي، أغلقت كتيبة 17 حرس الحدود خط الغاز بين منطقتي درج وسيناون، تأييدا لبيان “ثوار الزنتان” المطالبين بإسقاط الأجسام السياسية، وفتح تحقيق في ملفات فساد المسؤولين الحاليين والسابقين.
كما هدد منتسبو حرس المنشآت النفطية بمصراتة، في 17 فبراير الجاري، إقفال مستودع مصراتة النفطي، وأمهلوا حكومة الدبيبة 10 أيام لتنفيذ مطالبهم، من زيادة مرتبات وتسوية ومستحقات سابقة، مؤكدين أن الإقفال سيطال الحقول والمجمعات النفطية والإدارات على مستوى ليبيا.
فهل تشهد الأيام المقبلة تغييرات حقيقية في الأوضاع السياسية وسط تفاقم الأوضاع الاقتصادية؟