Menu
in

الرئاسي ومؤتمر سرت.. متاجرة سياسية أم مصالحة حقيقية

مساعٍ حثيثة يبذلها المجلس الرئاسي لإشراك أنصار سيف الإسلام القذافي في مؤتمر المصالحة الوطنية المزمع عقدة في سرت أبريل المقبل على الرغم من إعلان جهات سياسية وحقوقية وتكتلات مدنية عدة رفضها الخطوة واتهامها الرئاسي بالمتاجرة السياسية بملف المصالحة، ناهيك عن الإشكالات القانونية التي يواجهها سيف القذافي وتحول دون عودته للحياة السياسية وخوض أي استحقاق انتخابي قادم، فما هدف الرئاسي من إصراره على إدخال تيار نجل القذافي في ملف المصالحة؟

محاولة إقناع
عضو المجلس الرئاسي عبد الله اللافي قال، إن المجلس يعمل لإقناع أنصار سيف الإسلام القذافي بالمشاركة في المؤتمر الوطني للمصالحة المقرر في 28 أبريل القادم بمدينة سرت.
ووصف اللافي، في تصريح لقناة ليبيا الأحرار، مشاركة أنصار القذافي بالمهمة لإنجاح مسار المصالحة بين كافة الأطياف غير أنهم يشترطون الإفراج عن “السجناء السياسيين”، لافتا إلى أنه سيلتقي بهم لمناقشة ملف السجناء الأسبوع المقبل.

ونفى اللافي وجود أي خلافات بين اللجنة التحضيرية للمؤتمر وفريق مجلس النواب المعني بالمصالحة، مؤكدا أن الفريق لا يعرقل عمل المجلس الرئاسي.

إطلاق رموز النظام
وشهدت السنوات الأخيرة زيادة ملحوظة في الحديث عن الإفراج عن بعض رموز النظام الذين يخضعون للمحاكمة، ومنهم مدير المخابرات عبد الله السنوسي، وربط ذلك بملف المصالحة والمشاركة في المؤتمر المزمع عقده بالخصوص.

وأمرت وزيرة العدل بحكومة الدبيبة حليمة عبد الرحمن، في سبتمبر 2022، بالإفراج عن منصور ضو، القائد السابق للحرس الشعبي.

وأوضح مكتب المدعي العام العسكري الليبي، أن وزيرة العدل أمرت بالإفراج الصحي عن ضو، الذي سبق وصدر ضده حكم بالإعدام من المحكمة (المدنية) بمصراتة ووضع بالسجن العسكري باعتباره محكوماً عسكرياً.

وضمت قائمة المسؤولين السابقين بالنظام السابق المفرج عنهم سابقا: الساعدي القذافي وأحمد رمضان “قلم” معمر القذافي ومدير مكتبه في سبتمبر 2021، إضافة إلى رئيس جهاز الأمن الخارجي أبوزيد دوردة، وآخر رئيس وزراء في عهد القذافي البغدادي المحمودي، اللذين أفرج عنهما عام 2019.

محامٍ عن النظام

من جهتها، عبرت تجمعات مدنية عن رفضها لمحاولة الرئاسي إشراك سيف الإسلام القذافي في ملتقى المصالحة.

وندد حراك “العدالة الانتقالية” بتصريحات “اللافي”، ومطالبته بالإفراج عن مسجوني النظام السابق، واصفاً إياها بغير المسؤولة، والمثيرة للاشمئزاز.

وقال الحراك، في بيان له، إن اللافي تجاهل أبجديات المشهد السياسي الراهن، “حين وصف من أجرم بحق الشعب الليبي بالسجناء السياسيين، مطالبا بالإفراج عنهم”، رغم أنهم عرضوا على القضاء وبعضهم حكم عليه بالإعدام.

وأضاف الحراك أن المجلس الرئاسي أصبح عبئا ثقيلا على مشروع المصالحة الوطنية، وأنه فقد دوره وسيطًا نزيهًا بين الفرقاء، حين تحول إلى فريق محاماة يستميت في الدفاع عن “مجرمي النظام السابق”.

وذكر الحراك أن المجلس الرئاسي يفقد الشرعية الانتخابية، ولا يمتلك الأهلية للتصدي لمشروع وطني تأسيسي بحجم مشروع المصالحة الوطنية.

قفز على الضحايا
ومن جانبه، رفض تيار التجديد الشامل تصريحات اللافي، وعدّها محاولة للقفز على موضوع المصالحة بتجاوز الضحايا الحقيقيين وتحقيق العدالة الانتقالية ومحاباة مجرمي النظام السابق.

وأوضح التيار، وفق بيان له، أنه لا يرفض التواصل والمصالحة مع أتباع النظام الذين لم تتلوث أيديهم دماء الليبيين، مؤكدا انعدام ثقته في المجلس الرئاسي لتولي ملف المصالحة.

العفو مقابل الحقيقة
وكشف النائب بالمجلس الرئاسي عبد الله اللافي، في تصريحات جديدة لقناة العربية الحدث، عن عقد ملتقى في 26 و27 فبراير في طرابلس، بمشاركة خبراء قانونيين دوليين وليبيين وحضور أنصار سيف القذافي وممثلين عن أسر ضحايا النظام لوضع نموذج للعدالة الانتقالية.

وقال اللافي إنهم ينتظرون أن يخرج مؤتمر المصالحة في سرت بمبدأ “العفو مقابل كشف الحقيقة”، مشيرا إلى وجود 33 قضية موزعة على 5 شواغل تتطلب الاتفاق عليها، في ملف المصالحة منها الهوية والعدالة الانتقالية والأمن ونظام الحكم.

وتابع “مسألة تغيير العلم والنشيد شاغل يجب التوافق عليها، واتفقنا على أن تؤجل إلى الدستور القادم”.

محاولة فاشلة
من جهتها، قالت الحركة الوطنية الشعبية الليبية التي أسسها رموز بالنظام السابق في 2012، في 17 يناير الماضي، إن السياق الحالي الذي يتبعه المجلس الرئاسي ومفوضية الاتحاد الإفريقي، لا يعدو كونه محاولة فاشلة لمصالحة سياسية بين مجموعات متنازعة على السلطة داخل تيار واحد، ولا تصب في تحقيق مصالحة مجتمعية شاملة بين الليبيين.

وأشارت الحركة في بيان لها إلى أن الخطوات الأساسية للمصالحة تتمثل في الإفراج عن كافة المعتقلين لأسباب تتعلق بالصراع، وجبر الأضرار، وردّ المظالم، والعفو العام عن الحقوق العامة، وإرجاء الدعاوى حول الحقوق الخاصة إلى حين تمكن القضاء من الحكم بنزاهة وموضوعية.

انسحاب واتهام
ومن جانب آخر، أعلن الفريق السياسي لسيف الإسلام القذافي في 15 ديسمبر الماضي، انسحابه من المشاركة في مشروع المصالحة الوطنية احتجاجا على استمرار سجن رموز نظام معمر القذافي.

واتهم الفريق، في بيان، المجلس الرئاسي أنّه غير جادّ بشأن عملية المصالحة بإهماله معالجة ملف الإفراج عن رموز النظام السابق المعتقلين منذ 2011 دون توجيه تهم إليهم، مؤكدا أنه “من العبث الاستمرار في هذا المشروع لأنّ روح الانتقام لا تزال سائدة”.

مطلوب للقضاء
وعلاوة على كل ما سبق، فإن عدة إشكالات قضائية وقانونية لا تزال تطال سيف الإسلام القذافي شخصيا لكونه مطلوبا للقضاء المحلي والدولي، وهي تمثل عقبة أمام مشاركته في أي استحقاق انتخابي قادم.

مكتب المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية أكد، في نوفمبر الماضي، أنه يواصل استكشاف فرص اعتقال ومباشرة الملاحقة القضائية في حق سيف الإسلام القذافي بشأن الجرائم المرتكبة في العام 2011، مضيفا أن مذكرة التوقيف بشأنه لا تزال سارية المفعول.

وأشار تقرير مكتب المدعي العام الـ26 إلى أنه جمع معلومات موثوقا بها ومستفيضة بشأن أعمال العنف التي ارتكبت ضد المتظاهرين ومعارضي نظام القذافي السابق في العام 2011، ومنها الجرائم المرتكبة خلال الاحتجاز.

وكانت محكمة استئناف طرابلس قد أصدرت في 28 يوليو2015، حكما بالإعدام رميا بالرصاص على 9 من رموز نظام القذافي، من بينهم سيف الإسلام، في حين أعلنت المجموعة المسلحة التي كان محتجزاً لديها في الزنتان إطلاقه في 2017 وفقا لقانون “العفو العام” الذي أصدره مجلس النواب آنذاك.

فهل ينجح الرئاسي في مساعيه أو يصطدم بحائط الرفض والشروط المسبقة والعوائق القانونية والاجتماعية؟

كُتب بواسطة سالم محمد

Exit mobile version