أثار قرار رئيس حكومة الوحدة الوطنية عبدالحميد الدبيبة خصخصة 7 شركات عامة مملوكة للدولة، بعد نقل تبعيتها إلى الهيئة العامة لتشجيع الاستثمار وشؤون الخصخصة، حالة من الرفض لدى نقابات العمال لدى هذه الشركات كما هو الشأن لعمال شركة المناولة والخدمات الأرضية ونقابة النقل الجوي، في حين طالبت الحكومة الليبية المكلفة من البرلمان النائب العام بالتدخل لوقف تنفيذ القرار ، في الوقت الذي لا يعرف ما إذا كان نقل ملكية هذه الشركات إلى القطاع الخاص سيكون بيعا كليا أو جزئيا لبعض أسهمها.
قرار وعجز عن دفع المرتبات
رئيس حكومة الوحدة الوطنية عبدالحميد الدبيبة أصدر قرارا مؤرخا في 24 من يناير الماضي بنقل تبعية 7 شركات عامة إلى الهيئة العامة لتشجيع الاستثمار وشؤون الخصخصة، تمهيدًا لخصخصتها.
وشمل القرار: شركة شحات للتوكيلات الملاحية، وشركة جرمة للتوكيلات الملاحية، والشركة العالمية للملاحة والتوكيلات الملاحية، والشركة العامة للنقل السريع، والشركة العامة للطرق والجسور، والشركة الليبية للتموين، والشركة الليبية للمناولة والخدمات الأرضية.
إلا أن الحكومة لم تشرح الأسباب المباشرة لخصخصة هذه الشركات دون غيرها، إلا أن ديباجة القرار الذي يعتبر الأول من نوعه تستند إلى قرار آخر منسوب لمجلس الوزراء برئاسة الدبيبة لم يعلن على ما يبدو عنه في حينه، وإلى كتاب لوزير المواصلات محمد الشهوبي الذي تتبع الشركات السبعة اختصاصه الوزاري، بوصفه رئيس لجنة معالجة أوضاع العاملين بالشركات المتعثرة، وهو ما يشير ضمنيا إلى أن المشاكل المالية لتلك الشركات وعجزها عن دفع مرتبات عمالها المتخلفة منذ شهور عديدة، هو الدافع وراء قرار بيع للقطاع الخاص.
اعتداء على أموال الدولة
وكرد فعل على القرار طالب رئيس الحكومة المكلفة من مجلس النواب، أسامة حماد، النائب العام بوقف تنفيذ قرار الدبيبة واتخاذ كل ما يلزم للتحقيق في هذه الوقائع، مؤكدًا أن هذا القرار يأتي تمهيدًا للاستيلاء على تلك الشركات بطريق الخصخصة دون أي مبرر لذلك.
وقال حماد في خطاب موجه للنائب العام إن هذا الأمر يؤدي إلى الاعتداء على الممتلكات والأصول الثابتة والمنقولة المملوكة لهذه الشركات وكذلك اختلاس أرصدتها المودعة في حساباتها، دون أية فوائد تعود على الدولة نتيجة هذه الخصخصة، معتبرًا هذا القرار انتهاكًا واضحًا واعتداءً سافرًا على أموال الدولة الليبية.
رفض قاطع
توالت ردود الفعل الرافضة للقرار، وأعلنت نقابة الشركة الليبية للخدمات الأرضية رفضها بشكل قاطع، نقل الشركة، إلى الهيئة العامة لتشجيع الاستثمار وشؤون الخصخصة.
وأكدت، في بيان، أنها سوف تقف ضد كل من تسول له نفسه المساس بمقدرات الشركة وقوت العاملين بها”.
وبينت النقابة، بأن لديها الكوادر المؤهلة، التي تعمل طيلة السنوات، بدون حقوق مادية ومعنوية، حفاظا على مكانة الشركة.
وقالت، إنها قدمت الخدمات بكافة المطارات، في أسوأ الظروف، متسائلة عن عدم قيام مجلس الوزراء ووزير المواصلات، بصرف الحقوق المشروعة للعاملين، رغم عديد المطالب ورغم عديد الوعود.
وأكدت النقابة أن الشركة الليبية للخدمات الأرضية، هي شركة مساهمة والقانون التجاري لها، لا يسمح بنقل تبعيتها أو خصخصتها، مشيرة إلى وجود تجربة سابقة لم تنجح.
قرار عشوائي وتهديد بالتصعيد
وأعلنت نقابة العاملين بالشركة الليبية للتموين رفضها قرار حكومة الدبيبة، مضيفة أنه كان من الأجدى النظر للمقترحات المقدمة من قبل الشركة المتضمنة خطة استراتيجية متكاملة لإعادة تشغيلها، والتي لم تتجاوب الجهات التنفيذية معها؛ بسبب عجزها.
وطالبت النقابة الأساسية للشركة الليبية للخدمات الأرضية بمحطة مطار #مصراتة، يعلنون النائب العام بالعمل على وقف تنفيذ قرار الدبيبة، واصفة إياه بالقرار العشوائي وغير المدروس، مهددين بتصعيد الموقف إذا لم ينفذ مطلبهم المشروع، بحسب البيان.
أصول مالية كبيرة
بدورها رفضت نقابة النقل الجوي قرار الدبيبة بشأن خصخصة بعض شركات القطاع، مشيرة في بيان لها إلى أنهم يعانون منذ سنوات في حين كافأتهم هذه الحكومة بإحالتهم إلى فائض الملاكات. بحسب البيان، مطالبة بقية الشركات المشمولة بالقرار لرفضه والوقوف مع موظفيها.
وأكدت النقابة أن شركتهم التي تتعامل مع 50 زبونا من شركات عامة وخاصة وأخرى موسمية للحج والعمرة والحقول النفطية، وتقدم خدمات الهبوط والطيران والتوقف والإطعام والتزود بالوقود لأكثر من 300 رحلة دولية أسبوعيا، تملك إمكانات مالية وأصولا كبيرة، كانت في مرحلة سابقة هي من تغذي خزينة الدولة.
وتابع البيان أن كل ما كنت تطلبه من الحكومة هو فقط أن تتدخل لتحصيل ديون الشركة لدى زبائنها.
اعتصامات وإضرابات
ونفذ عمال الشركات المعنية عديد الاعتصامات والإضرابات في السنوات الأخيرة للمطالبة بدفع مرتباتهم، ووصل الأمر في أحدها إلى شل المطارات ووقف الرحلات الجوية تماما من مطارات بنينا ومصراتة، ووقف خدمات حيوية في مطارات أخرى.
ولم ينه المحتجون حركتهم حينها إلا بعد أن أعلنت حكومة الدبيبة التزامها بتسوية المشكلة ودفع مرتباتهم وفق جدول زمني نشرته في حينه، لكن العمال يشتكون أنه لم ينفذ إلا جزئيا.
خصخصة شركات القطاع العام العاجزة والمفلسة هو أسلوب لجأت إليه عديد الدول لإحياء وتجديد اقتصادها، لكن حساسية القرار كانت تستوجب دوما وجود حكومة مستقرة ومنتخبة بعيدا عن ضغط المراحل الانتقالية وأيضا أن يحظى المسار بنقاش اقتصادي وسياسي واسع لتحديد الإطار العام للخصخصة، حتى لا يسقط في الارتجالية والتسرع و التفريط في المقدرات العامة للدولة، وهو ما يعد دافعا آخر لحالة الخوف والرفض الذي قوبل بها القرار الجديد.