in

كارثة المياه الجوفية في زليتن.. خطر محدق في ظل عجز حكومي

بعد أكثر من شهر على بداية أزمة ارتفاع منسوب المياه الجوفية، لا تزال المدينة تعيش تحت أخطار هذه الكارثة الطبيعية التي تتسع رقعتها مع مرور الوقت دون حلول مجدية ولا معرفة الأسباب التي أدت لها، وسط ضعف الأداء الحكومي المنقسم الذي لم يرتقِ لمستوى الأزمة.

3 أشهر

الناطق باسم مجلس زليتن البلدي إسماعيل الجوصمي قال، إن الفريق الاستشاري البريطاني الذي زار المدينة لتشخيص مشكلة ارتفاع المياه الجوفية أبلغهم أن الدراسة الكاملة حول الأسباب والحلول ستستغرق ما بين 2 و3 أشهر، بينما ستبدأ الحلول المبدئية خلال اليومين المقبلين.
وأوضح الجوصمي، في تصريح للرائد، أنه لن تكون هناك مخاطر على المدينة خلال فترة الدراسة، وأن الحل سيكون جذريا، وفقا لما صرح به الخبراء الإنجليز.

الوضع الوبائي
مدير مركز مكافحة الأمراض حيدر السايح أكد، في بيان صحفي، استقرار الوضع الوبائي مبدئيا في زليتن، وأنهم يعملون لكسر مثلث العدوى.
وبيّن السايح أنهم سيوفرون محطة تحلية كبيرة للبلدية بطاقة 72 ألف لتر يوميا مع توفير خزان مياه كبير متنقل.
ودعا السايح سكان المدينة إلى تجنب استعمال المياه الجوفية للشرب أو الاستعمال الشخصي، مشيرا إلى شروع المركز في رصد الأماكن المتضررة وتقسيم البلدية لأكثر من منطقة لاتخاذ حزمة من الإجراءات.
ولفت مدير مركز الأمراض إلى تشكيل غرفة طوارئ صحية خاصة بكل من له علاقة بقطاع الصحة في البلدية للوقوف على الاحتياجات اللازمة.

تضرر 11 مدرسة
وفي حصيلة أولية للأضرار المرتقبة للكارثة، أكد مراقب التربية والتعليم بزليتن إسماعيل هويدي، احتمالية تضرر 11 مدرسة بالمدينة لقربها من مستنقعات المياه، مؤكدا أن أغلب المدارس بمنطقة المنطرحة تحيط بها المياه الجوفية مُكوِّنةً مستنقعًا متلوثًا، إضافة إلى كثرة الحشرات بالمنطقة.
وأضح المراقب في تصريح نشرته الصفحة الرسمية للبلدية أنهم لم يتخذوا أي إجراء حتى الآن لنقل الطلبة من المدارس المتضررة لأن وزارة التعليم شكلت لجنة مكلفة باتخاذ قرار النقل، مؤكدا أن المدارس ستُخلى من الطلبة إذا وصلت إليها المياه.

إغلاق مؤقت
وسعيا منها للمساهمة في معرفة أسباب الكارثة، كشفت الحكومة الليبية عن شروع جهاز النهر الصناعي في إغلاق خطوط التغذية من منظومة النهر إلى مدينة زليتن، مؤقتاً، لإجراء عمليات الاختبار الأولية لمعرفة أسباب ظاهرة ارتفاع المياه الجوفية.
وأشارت الحكومة، في بيان رسمي لها، إلى أن الإغلاق سيكون جزئيا للخطوط الفرعية وسيستمر بضعة أيام فحسب.
من جهته، نفى جهاز مشروع النهر الصناعي، وجود أي تسرُّب للمياه من خطوطه المارة بمنطقة زليتن، مؤكدًا استعداده لتقديم الدعم والمشورة الفنية للمساهمة في إيجاد الحلول الناجعة بشأن هذه الظاهرة.

10 ملايين دينار للطوارئ
وأصدر رئيس الحكومة الليبية أسامة حماد، في الـ 30 من يناير الماضي، قرارات عاجلة بشأن زليتن، من بينها إعلان حالة الطوارئ، وتخصيص 10 ملايين دينار للبلدية للطوارئ، إضافة إلى إنشاء شبكة رشح وتصريف في المحال المتضررة بقيمة 16 مليون دينار.
كما قرر حماد خلال لقائه أعضاء مجلس النواب الليبي عن مدينة زليتن، توفير 10 آليات لمواجهة الأزمة، وتوجيه وزير الصحة بتوفير كافة الأدوية الخاصة باللشمانيا والحساسية الجلدية.

بيروقراطية ومركزية
أما عن الحلول المنتظرة من الأجهزة التنفيذية في الدولة، فرأى عضو مجلس الدولة عن زليتن عبد السلام الصفراني، أن البيروقراطية والمركزية تعوق الحلول السريعة التي يحتاجها أهالي زليتن.
وطالب الصفراني، في تصريح صحفي، بتقديم عدة حلول تتمثل في تسكين النازحين ومعالجة بعض الأضرار والتعويض عنها ومكافحة الأمراض وإنشاء قنوات سريعة للصرف، مضيفا أن حكومة الدبيبة تتحدث أنها في بداية سنة وأنه يصعب تخصيص أموال في مثل هذا الوقت وتنتظر الربع الأول للسنة.

أزمة مستمرة
وكان عميد بلدية زليتن مفتاح حمادي قد أكد في الـ 30 من يناير الماضي، ازدياد ارتفاع منسوب المياه، مشيرًا إلى أن بعض الآبار بالمدينة مستقرة وبعضها الآخر زادت فيها نسبة المياه.
حمادي قال، في مؤتمر صحفي، إن البلدية وفرت شققا سكنية لبعض المواطنين المتضررة منازلهم من المياه، مضيفا أن الأحياء التي تضررت تعدّ منكوبةً بسبب نزوح سكانها وتضرر مبانيها.
من جهته، أكد رئيس لجنة الأزمات والطوارئ في بلدية زليتن مصطفى البحباح، أن الحكومة لم تصرف بعد الميزانية التي طلبتها البلدية، لمواجهة أزمة ارتفاع منسوب المياه داخل أحياء البلدية.

تحذير من نزوح جماعي
من جانبه، دعا وزير البيئة بحكومة الدبيبة إبراهيم منير رئاسة الوزراء لعقد اجتماع طارئ لمناقشة أزمة المياه الجوفية في زليتن.
وقال وزير البيئة في تصريح لقناة ليبيا الأحرار، إن لديهم معلومات تفيد بارتفاع منسوب المياه أيضا في مدينتي مصراتة وبئر الغنم، مضيفا أنهم في طور التأكد من ذلك على أرض الواقع.
وأكد منير أن شبكة الصرف الصحي في زليتن متهالكة جدا وأن الوضع في المدينة غير مطمئن، مشيرا إلى أن الأزمة قد تصل لمدن أخرى في حال لم تعمل الدولة على إنهاء الظاهرة بشكل سريع، على حدّ وصفه.
وأوضح الوزير أنهم رصدوا منازل متصدعة في زليتن جراء ارتفاع منسوب المياه الجوفية، محذّرا من نزوح جماعي لسكان المناطق المتضررة.

بئر الغنم
وفي سياق متصل، أكد مختار محلة بئر الغنم ببلدية جنوب الزاوية مسعود المزلط، في تصريح للرائد، أن منسوب المياه الجوفية بالمنطقة زاد في الآبار السوداء وارتفع بشكل ملحوظ منذ فترة.
وقال مسعود إن عائلة نزحت من منزلها بعد ظهور علامات ارتفاع المياه داخله، مشيرا إلى أن فرقا من شركة المياه والإصحاح البيئي أخذت عينات من المياه لتحليلها في انتظار النتائج.

تحليل علمي
وعن أسباب الظاهرة، أرجعت الأستاذة الجامعية المختصة في الهيدرولوجي بجامعة Ghent ببلجيكا نوال التريكي، مشكلة ارتفاع منسوب المياه في زليتن، إلى اختلال التوازن في المنطقة، إما بسبب أن مياه الصرف الصحي التي أصبحت تغذي الخزان الجوفي بشكل أكبر مما كانت عليه قبل سنين أو أن المنطقة كانت زراعية مثلاً وتضخ من المياه بشكل أعلى مما خلق بعض التوازان ثم قلّ هذا النشاط مع الوقت مما ساهم في ارتفاع منسوب المياه الجوفية.
وطالبت التريكي خلال مقال نشرتها شبكة الرائد، باتخاذ بعض الإجراءات مثل التوقف عن تصريف مياه الصرف الصحي للخزان وإحداث قنوات تصريف مبطنة وحفر شبكة آبار بيزومترية.

بداية الأزمة
ووفقا لمجلس زليتن البلدي، فإن ظاهرة ارتفاع منسوب المياه الجوفية بدأت عام 2018 في البلدية، وعادت إلى الظهور بشكل ملحوظ في 27 ديسمبر الماضي وهي مستمرة حتى الآن على الرغم من عمليات السحب والردم التي تنفذها الجهات المختصة.

كُتب بواسطة سالم محمد

استمرار العمل بالضوابط السابقة لبيع النقد الأجنبي للدراسة والعلاج

اجتماع للاتحاد الإفريقي لمناقشة آليات تنظيم منتدى المصالحة الليبية