Menu
in

أسباب تخفيض مخصصات بطاقات الأغراض الشخصية من 10 إلى 4 آلاف دولار وتأثيره على سعر صرف الدولار

في رأيي أن سبب قرار المركزي تخفيض مخصصات بطاقات الأغراض الشخصية من 10 إلى 4 آلاف دولار، هو تزايد حجم الطلب على النقد الأجنبي خلال العام الماضي الذي اضطرّ المركزي إلى سحب 10 مليارات دولار من احتياطيه من النقد الأجنبي لمواجهة الطلب المتزايد عليه، وإيقاف الاعتمادات المستندية ومخصصات الأغراض الشخصية خلال نوفمبر الماضي.

وقد بلغت استخدامات النقد الأجنبي خلال العام الماضي 2023 ما قيمته 25 مليار دولار دون احتساب قيمة فاتورة دعم المحروقات المقايَضة بمبيعات النفط بالمخالفة للقانون التي يتوقع أن تتراوح بين 8 و 9 مليارات دولار.
وإذا ما أضفنا العجز في ميزان المدفوعات المشار له سلفاً والمقدر بـ 10 مليارات دولار تقريباً وفق لبيان المركزي، فإن إجمالي الطلب على النقد الأجنبي قارب خلال العام الماضي 43 مليار دولار، وهذا في رأيي رقم كبير جداً هو الأعلى منذ العام 2013.
والغريب أنه على الرغم من ارتفاع الصادرات النفطية قياساً بالسنوات الماضية واستقرار سعر الدولار لدى المركزي عند 4.80 دنانير في المتوسط، فإن مثل هذه العوامل كان يفترض أن تؤدي، اقتصاديًا، إلى انخفاض سعر الدولار لأن ارتفاع الصادرات يعني لنا زيادة المعروض منه، كما أن بلوغ سعر الدولار لدى المركزي 4.80 بدلا من 3.90 دنانير كان يفترض أن يؤدي إلى انخفاض الطلب على الدولار.

لكن، للأسف، كل ذلك لم يحدث بل العكس تماما، فالدولار كما رأينا ارتفع بشكل ملحوظ وأزمة السيولة عادت من جديد بعد أن خفت حدتها خلال عامي 2021 و2022 وحتى نهاية سبتمبر 2023، وفي رأيي فهناك عدة أسباب أبرزها:
1- التوسع في الإنفاق العام الذي تضاعف بمعدلات كبيرة قياساً بمعدلاته خلال أعوام 2018 و 2019 و 2020.
2- الهبوط الحاد في قيمة الإيرادات السيادية من ضرائب ورسوم جمركية وفوائض شركات عامة، التي لا تمثل نسبتها ‎%‎02 من إجمالي الإيرادات، ولا تغطي ‎%‎02 من حجم الإنفاق العام الذي ناهز 125 مليار دينار العام الماضي، وذلك دون احتساب قيمة فاتورة دعم المحروقات التي قاربت 42 مليار دينار خلال عام 2022، وفق تقرير ديوان المحاسبة.
3- ارتفاع رصيد الدين العام المصرفي وعدم استهلاك الحكومة له سنوياً عبر استقطاع ‎%‎05 من إجمالي الإيرادات النفطية وفقاً لأحكام القانون رقم 15 لسنة 1986.
4- عدم استقطاع أو تجنيب جزء من الإيرادات النفطية إلى حساب الاحتياطي العام رغم ارتفاع حصيلتها بسبب استقرار الإنتاج عند 1.200 مليون برميل يومياً في المتوسط واستقرار أسعاره بين 78 و 80 دولارا، فحصيلة الإيرادات النفطية التي ناهزت 35 مليار دولار هي الأعلى منذ 2013.
وعلى الجانب الآخر، أي ميزان المدفوعات، فهناك أسباب أخرى أبرزها:
1- ارتفاع فاتورة الواردات بسبب ارتفاع فاتورة دعم المحروقات التي أصبحت تمثل، للأسف، ما نسبته ‎%‎33 من الإيرادات النفطية.
2- ارتفاع قيمة الاعتمادات المستندية بسبب اعتماد البلاد اعتمادا شبه كلي على الاستيراد لتوفير كافة احتياجاتها.
3- توسع الجهات الحكومية أو القطاع العام في الاستيراد أيضاً.
4- ارتفاع قيمة النقد الأجنبي المخصص للأغراض الشخصية العام الماضي لتناهز 9 مليارات دولار.
وكل ذلك، بالتأكيد، دون إغفالنا للدور السلبي الذي خلّفه الفساد وسوء الإدارة وضعف المؤسسات، وعدم تبني الحكومة إستراتيجية لمحاربة الفساد والحد منه.
في الختام، أعتقد أن الوضع الاقتصادي صعب جداً وأصعب مما كان عليه في 2014 و2015 و2016 إبان توقف تصدير النفط وهبوط أسعاره، فالدولار مرشح لمزيد من الارتفاع وقرار المركزي اليوم مجرد حل مؤقت أي مسكن فقط.
وتواجه الحكومة والمركزي اليوم خيارات صعبة، إمّا إجراء مزيد من التخفيض لقيمة الدينار وإمّا رفع أو تخفيض قيمة فاتورة دعم المحروقات وإمّا تقليص فاتورة الواردات بقصرها على السلع الأساسية من غذاء ودواء ومواد خام ومستلزمات الإنتاج والتشغيل بل حتى تقليص فاتورة المرتبات.
لكن يبقى السؤال الأبرز، ما السيناريو في حال انخفاض أسعار النفط إلى 55 دولارا بسبب توقف الإنتاج، لا قدّر الله!، أو بسبب تباطؤ الاقتصاد العالمي أو في حال توقف الحرب الروسية الأوكرانية ورفع العقوبات الغربية عن روسيا أو في حال توقف الحرب في الشرق الأوسط أو في حال عودة الصادرات الإيرانية النفطية المتوقعة خلال المدة القادمة أو في حال تخلي دول مجموعة أوبك وأوبك + عن سياسة التخفيض الإلزامي والطوعي لحصص الإنتاج.

ما خطط الحكومة والمركزي لمواجهة مثل تلك السيناريوهات؟

وأمّا ما يخص تأثير القرار على سعر الدولار في السوق، فسيشهد الدولار، بالتأكيد، انخفاضا بمجرد فتح منظومة بطاقات الأغراض الشخصية والاعتمادات المستندية، لكنه سيتراوح، في رأيي، بين 5.15 و 5.50 دنانير، لكن ذلك مرهون بمدى استمرار فتح المنظومة وحركة الاعتمادات، وهذا مرهون أيضا بتدفق إنتاج النفط وبقاء أسعاره عند مستوياتها الحالية، كما أن أي توقف للمنظومة مستقبلا سيؤدي إلى ارتفاع سعر الدولار إلى أكثر من مستوياته الحالية لأن المواطنين سيدركون حينها أن المركزي لم يعد بإمكانه الصمود أكثر والدفاع عن الدولار عند سعره الرسمي.

المصدر: خاص الرائد

كُتب بواسطة ليلى أحمد

Exit mobile version