يأمل كثير من التجار والمواطنين أن يؤدي استناف بيع النقد الأجنبي للأغراض الشخصية بسقف 10 آلاف دولار إلى نتائج إيجابية على سعر صرف الدولار مع استمرار ارتفاعه في السوق السوداء بعد أن دعت عدد من المصارف الليبية أبرزها “الجمهوية والتجارة والتنمية والوحدة زبائنها إلى تحديث بياناتهم الشخصية؛ تمهيدا للبيع بعد إطلاق المنظومة المخصصة للعملة في محاولة من المصرف المركزي لكبح جماح سعره، لكن ما مدى تأثير استئناف شحن هذه البطاقات على السوق السوداء؟ في وقت اتجه فيه الكثير من المواطنين إلى شراء الدولار؛ لضمان حفظ قيمة مدخراتهم، وهو ما يزيد الضغط على طلب العملة الأجنبية، وبالتالي سيرتفع سعرها بشكل متزايد في السوق الموازية.
شرط فتحها للجميع
المحلل والخبير الاقتصادي عبدالحميد الفضيل اعتبر، في تصريح للرائد، أن فتح المصرف المركزي منظومة بيع النقد الأجنبي سيؤثر إيجاباً على أسعار العملات مقابل الدينار الليبي بشرط أن يفتحها للجميع دون استثناء بكل سهولة ويسر.
وأضاف أن فتح الاعتمادات المستندية لاستيراد السلع دون قيود وباستمرار ودون عرض كميات محددة، سينعكس بشكل إيجابي على سعر العملات مقابل الدينار الليبي، ويوفر جزءا مهما من السيولة في المصارف.
وتابع: إذا فتح المصرف المركزي منظومة بيع النقد الأجنبي بقيود خلال ساعات محدودة أو عرض كميات محدودة، فلن ينخفض سعر الصرف في السوق الموازي بل قد يتصاعد، وكذلك إذا فتح الاعتمادات المستندية بقيود فلن ينخفض الدولار.
15%
ورأى المحلل والخبير الاقتصادي خالد الدلفاق، في تصريح للرائد، أن إعادة فتح منظومة بيع النقد الأجنبي للأغراض الشخصية سيؤثر، إلى حد ما بشكل طفيف جدا، في سعر صرف الدولار في السوق السوداء.
وبين أن نسبة تأثيرها على السعر قد تصل إلى 15% فقط؛ لأن المخصص للأغراض الشخصية يبلغ 6 مليارات دولار سنوياً.
وأشار إلى أن فتح الاعتمادات سيكون له تأثير كبير على السوق الموازي؛ لأنها تصل إلى 19 مليار دولار سنويا
ارتفاع مستمر
سعر الدولار تخطى في السوق الموازية حاجز الـ6 دنانير ليبية للدولار الواحد، وذلك بعد أن استقر سعره لسنوات عند 5 دنانير للدولار الواحد، ويتراوح في السوق الموازية حاليا بين 6,50-6،30
ويأتي هذا التراجع للدينار الليبي بالتزامن مع إعلان المصرف عن عجز يفوق 11 مليار دولار.
تسهيل البيع
كشفت مصادر صحفية متطابقة أنه من ضمن إجراءات تسهيل عمليات بيع النقد الأجنبي لعام 2024 هو سماح المصرف المركزي ببيع النقد الأجنبي للأغراض الشخصية بقيمة محددة وإيداعها في حساب جار لزبون المصرف بالعملة الأجنبية، ويحق للزبون بيعها وتحويلها لزبون آخر.
كما يحق لمن يشتري العملة الأجنبية وتجميعها في حساب سواء صغار التجار أو أي تجار و مستفيد تحويلها للخارج أو فتح اعتماد مستندي باستيراد السلع والخدمات، وهذه الوسيلة ستسهل تداول العملات الأجنبية بين زبائن المصارف والاستفادة منها بدلاً من تداولها في السوق الموازي.
توسع الإنفاق الحكومي
يرى اقتصاديون أن أبرز أسباب هذا الارتفاع هو التوسع في الإنفاق الحكومي الذي وصل إلى أرقام قياسية، حيث بلغ إجمالي الإنفاق العام للدولة في 2023 122.7 مليار دينار منها 60 مليار لبند المرتبات مع تزايد الدين العام وتراكمه، كما أن محاولة المصرف المركزي تقليل العجز والحفاظ على المدخرات في ظل عجز كبير في النقد الأجنبي بلغ حوالي 10 مليارات دينار، وفقًا لما ورد في تقرير المركزي، ناهيك عن الخلاف الحاصل بين المؤسسة الوطنية للنفط والمركزي؛ بسبب توقف توريد مبيعات النفط إلى المركزي.
ومن جهته حمّل المترشح الرئاسي إسماعيل اشتيوي، في تدوينة عبر صفحته الرسمية، مصرف ليبيا المركزي وحكومة الدبيبة ارتفاع سعر الدولار بشكل رئيسي، مشيرا إلى أن المصرف يحاول تقليل العجز والحفاظ على المدخرات، لكن صرف حكومة الدبيبة “غير المسؤول” للأموال عرقل كافة محاولات تقليل العجز.
صراع الدبيبة والكبير
شهدت الأشهر الماضية خلافا بين رئيس الحكومة عبدالحميد الدبيبة ومحافظ مصرف ليبيا المركزي الصديق الكبير، قبل أن يعود الكبير الي طرابلس قادما من تركيا التي مكث فيها بعد خلافه مع الدبيية.
ووفق تقرير لموقع “أفريكا إنتلجنس” الفرنسي، أوقف الكبير، بعد تهديد الدبيبة له، تمويل الإنفاق العام لحكومته، ورفض دفع عقود لقريب الدبيبة ومستشاره، مشيرًا إلى أن الصراع امتد بينهما إلى رئيس مؤسسة النفط فرحات بن قدارة؛ للسيطرة على عائدات النفط التي تودع في المصرف المركزي، وهو وحده المتصرف في توزيعها.
وأضاف الموقع أنه عقب إيقاف الكبير سداد مدفوعات مؤسسة النفط ابتكرت الأخيرة حيلة للحصول على التمويل للاستمرار في استيراد الوقود، بإنشاء نظام مقايضة، تستبدل فيه النفط الخام بالوقود المستورد، وتقوم شركة البريقة بشراء وتوزيع الوقود.
ويخشى البعض أن تهدد المواجهة بين الدبيبة والكبير التوازنات المالية والاقتصادية في البلاد، لاسيما أنها تحمل في طياتها صراعا على مقاليد المؤسسة الوطنية للنفط.
اجتماع ثلاثي
ولبحث ارتفاع النقد الأجنبي والطلب المتزايد عليه في عام 2023 بحث، الخميس الماضي، محافظ مصرف ليبيا الصديق الكبير مع رئيس المجلس الرئاسي محمد المنفي ورئيس حكومة الوحدة عبدالحميد الدبيبة، الإيراد والإنفاق العام لسنة 2023 والإجراءات الممكن اتخاذها لترشيد الإنفاق الاستهلاكي، وتدقيق فاتورة المحروقات الموردة، وأوضاع النقد الأجنبي عام 2023، وأسباب ارتفاع الطلب في ذات العام بمقدار 5 مليارات دولار، بالإضافة إلى الإجراءات المطلوب اتخاذها لضبط المنافذ الحدودية؛ للحد من تهريب السلع مع الأخذ في الاعتبار الاعتمادات القائمة وبضائعها بقيمة 4 مليارات دولار، أي حوالي 20 مليار دينار، بحسب بيان المركزي.