بعد إعلان رئيس الحكومة الليبية أسامة حماد مقترح مشروع الميزانية العامة للدولة للعام المالي 2024 بقيمة 90,5 مليار دينار وثلاثمائة وسبعة وتسعين مليون دينار، وإحالته إلى رئيس مجلس النواب عقلية صالح؛ للاطّلاع عليها وعرضها على أعضاء المجلس يعود الحديث عن مصير اللجنة المالية العليا التي أسسها المجلس الرئاسي في يوليو الماضي لتعوض آلية الترتيبات المالية التي استمر العمل بها طوال 7 سنوات خاصة في ظل غيابها منذ نحو 3 أشهر عن المشهد.
غياب عن المشهد
عقدت اللجنة المالية العليا برئاسة رئيس المجلس الرئاسي 8 اجتماعات ما بين شهري يوليو وأكتوبر الماضيين، وكان آخر اجتماع لها قد خصص لدعم إعادة إعمار درنة والمناطق المنكوبة في الشرق.
اللجنة التي من مهامها تحديد أوجه الإنفاق العام ومتابعة الترتيبات المالية لم تسفر عن إجراءات ملموسة على أرض الواقع حتى أصدرت محكمة بنغازي الابتدائية في ديسمبر الماضي حكما ببطلان تشكيلها؛ لعدم الاختصاص.
تصدع داخلي
وفي سبتمبر الماضي أعلن عضو اللجنة ونائب محافظ مصرف ليبيا المركزي وأربعة أعضاء آخرين استقالته من اللجنة؛ اعتراضًا على الآلية التي جر ى إنشاؤها على أساسها
وأكد الأعضاء الـ4 وهم فاخر بوفرنة، وحاتم العريبي، وأحمد المرتضى، وعبد الله العبيدي في بيان متداول لهم أن اللجنة لم تحسم آلية توزيع الإنفاق الحكومي، مبينين أن اللجان الفرعية لأبواب الميزانية ما زالت في مرحلة مناقشات وجمع البيانات وحصر التعثرات في الإنفاق الحكومي، ومعبّرين عن رفضهم صدور بيان اللجنة الأخير دون استشارتهم.
وتزامنت استقالة الأعضاء مع إقرار مجلس النواب مشروع قانون الميزانية العامة للدولة للعام 2023، المُقدم من حكومة حماد في 5 من سبتمبر الماضي ما شكّل عاملاً إضافيًا لعدم فاعلية هذه اللجنة.
لا مبرر لاستمرارها
ورغم الدعم الدولي الذي تحظى به لجنة المنفي هاجمت حكومة حماد اللجنة المالية العليا في أكتوبر الماضي قائلة إنه لم يعد هناك مبرر لاستمرارها بعد اعتماد مجلس النواب ميزانية 2023، مشيرة إلى أنها لم تتبنَ أي إجراء عملي يوضح آلية الإنفاق للجهات الممولة من الخزانة العامة.
وتابعت الحكومة في بيانها أن مواصلتها لعملها هو بمثابة تعد على اختصاصات السلطة التشريعية بشكل عام، وعلى الاختصاصات الموكلة بمقتضي التشريعات السارية للحكومة بشكل خاص، وبالتالي يضعها تحت طائلة القانون وتحميلها المسؤولية كاملة، لافتة إلى أن اللجنة لم تتمكن في الأساس من حصر وتحديد حجم الموارد والإيرادات الفعلية التي يجب توظيفها لتغطية الإنفاق العام.
تشكيل اللجنة ومهامها
شكلت اللجنة في يوليو الماضي بعد تهديدات خليفة حفتر وتلويحه باستخدام القوة في حال عدم تشكيل لجنة لتقسيم الموارد النفطية على أقاليم البلاد الثلاثة قبل نهاية أغسطس 2023
ليعلن المجلس الرئاسي تشكيل لجنة مالية برئاسة المنفي، تضم 17 عضواً من الوزراء والمسؤولين، منهم: نائب المحافظ ورئيس مؤسسة النفط.
ونظمت اللجنة منذ تأسيسها 8 اجتماعات في طرابلس وبنغازي وسرت ومصراتة وسبها، ومن مهامها وفق قرار الإنشاء: اعتماد ترتيبات مالية، ومتابعة الإنفاق الحكومي، وضمان توزيعه بشكل عادل، وتحييد المال العام عن الصراع السياسي في ظل الظروف الاستثنائية للدولة.