أوضاع متوترة يشهدها قطاع النفط والغاز مع استمرار إغلاق حقل الشرارة أكبر حقل نفطي في البلاد منذ أكثر من أسبوع، وتهديد محتجين بإغلاق مجمع مليتة للنفط والغاز مطالبين بإقالة رئيس المؤسسة الوطنية للنفط فرحات بن قدارة.
استمرار الإغلاق
لا تزال حالة القوة القاهرة التي أعلنتها المؤسسة الوطنية للنفط على حقل الشرارة، مستمرةً، عقب إغلاق محتجين يحملون اسم “حراك تجمع فزان” للحقل في 2 من يناير الجاري، أي قبل 10 أيام من الآن.
الوطنية للنفط قالت، إن الإغلاق أوقف إمدادات النفط الخام من الحقل إلى ميناء الزاوية، مؤكدة استمرار المفاوضات في محاولة لاستئناف الإنتاج في أقرب وقت ممكن.
الناطق باسم حراك تجمع فزان أبوبكر شريعة قال للرائد، إنهم أجّلوا بيانا للحراك كان مقررا قراءته أمام حقل الشرارة اليوم بسبب عدم تمكن حشود من فاعليات الجنوب من الوصول لنقص الوقود.
وأكد شريعة أن الإغلاق ما زال مستمرا، وأنهم شكلوا فريقا منهم للتفاوض والتواصل مع الأطراف ذات العلاقة.
تهديد بقطع الغاز وحكم قضائي
موقع “أويل برايس” الأمريكي ذكر، في تقرير له، أن تجدد الاحتجاجات في ليبيا ضد الفساد وسوء توزيع العائدات النفطية، أدى إلى إغلاق اثنين من المنشآت النفطية خلال 72 ساعة.
وأضاف الموقع أن نجاح هذه التظاهرات في إغلاق مجمع مليتة يعني خفض الإنتاج النفطي بمقدار 120 ألف برميل يوميا، إذ يطالب المتظاهرون باستقالة بن قدارة، ومنعه من إبرام أي صفقات نفطية أخرى باسم ليبيا، وتوفير فرص العمل للشباب، وضوابط بيئية أكثر صرامة.
وأشار الموقع الى أن القضاء الليبي ممثلا في محكمة الاستئناف في طرابلس سيصدر حكما عاجلا في قضية قانونية تتعلق بصحة تعيين بن قدارة رئيسا للمؤسسة في 22 يناير الجاري.
24 ساعة
ونقلت وكالة رويترز عن المتحدث باسم المحتجين أمام مجمع مليتة سالم محمد، تأجيل موعد إغلاق المجمع ومصفاة الزاوية، 24 ساعة لإجراء محادثات مع فريق من الوسطاء يتكون من ستة أشخاص.
وأشار المتحدث باسم المحتجين في تصريح لوكالة رويترز، إلى أنهم سيغلقون المنشأتين إذا لم تلبَّ طلباتهم، خاصة إقالة رئيس المؤسسة الوطنية للنفط فرحات بن قدارة، وإلغاء كافة قراراته.
مؤتمر الطاقة في طرابلس
وتتزامن هذه الأحداث مع انعقاد قمة ليبيا للطاقة والاقتصاد في طرابلس التي شاركت فيها وفود دولية رسمية ووزراء، إضافة إلى شركات كبرى في مجال النفط والغاز، بينها توتال الفرنسية وإيني الإيطالية.
وغاب عن القمة رئيسة الوزراء الإيطالية “جورجيا ميلونى” والرئيس التنفيذي لشركة توتال الفرنسية “باتريك بوياني”، والمدير التنفيذي لشركة إيني الإيطالية “كلاوديو ديسكلزي”، إضافة لغياب محافظ المصرف المركزي الصديق الكبير، ورئيس ديوان المحاسبة خالد شكشك، وسط تساؤلات عن سبب الغياب.
وربط بعض المحللين هذا الغياب بالمفاوضات الجارية لتوقيع اتفاقية تطوير الاستكشافات النفطية والغازية في القطعة NC7 بحوض الحمادة، بين الوطنية للنفط وائتلاف شركات إيني الإيطالية وأدنوك الإماراتية وتوتال الفرنسية، التي شهدت موجة اعتراضات واسعة من جهات تشريعية ورقابية ورفضا من وزارة النفط والغاز.
وعود بزيادة الإنتاج
وعلى الرغم من إغلاق عدد من المنشآت النفطية، أكد رئيس المؤسسة الوطنية للنفط فرحات بن قدارة، في كلمته بمؤتمر الطاقة في طرابلس، سعي المؤسسة لزيادة الإنتاج إلى مليونَي برميل يوميا خلال 3 سنوات.
تصريح بن قدارة لا يتّسق مع بيانات المصرف المركزي عن إجمالي النفقات والإيرادات في الدولة خلال سنة 2023، التي كشفت حصول مؤسسة النفط منذ مجيئ بن قدارة لرئاستها قبل 18 شهرا، على تمويل استثنائي من حكومة الدبيبة ناهز 52 مليار دينار، في أضخم ميزانية تحصلت عليها المؤسسة في تاريخها.
هذه الميزانية الضخمة استهلكت 20% من كل نفقات الدولة خلال سنتين، دون أي زيادة في إنتاج النفط الذي ما يزال بعيدا عن مستوى مليونَي برميل الذي تعهد به بن قدارة بعد تسلمه زمام المؤسسة وتحصل بموجبه على هذه الميزانية الاستثنائية.
وأثار بن قدارة الجدل قبل أيامٍ حين كشف عن سعيه بالتعاون مع حكومة الدبيبة إلى تغيير طريقة تمويل المؤسسة لتصبح بطريقة الخصم المباشر من الإيرادات النفطية.
تصريح وتراجع
ومع كل هذه الأحداث، أثار تصريح الدبيبة باتخاذ حكومته قرار رفع الدعم عن المحروقات، موجةَ غضب في الشارع الليبي قبل أن يتراجع عن تصريحه في منشور له قائلا إن هذا القرار يتطلب موافقة المواطنين أولا ووصول الدعم المالي لهم مباشرةً ثانيا.
وتأتي هذه الأحداث في الوقت الذي يتواصل فيه الانقسام السياسي في البلاد دون الاقتراب من أي حل ملموس.