أمول طائلة وميزانيات غير مسبوقة للمؤسسة الوطنية للنفط، أظهرتها بيانات المصرف المركزي عن الإيراد والانفاق العام خلال العامين الماضيين.
وبينما لاقت تلك الميزانية الضخمة في حين إقرارها انتقاد شديدا من ديوان المحاسبة، لعدم توفر خطط متكاملة لإدارة تلك الأموال، لا تزال مؤسسة النفط عاجزة عن تنفيذ وعودها بزيادة الإنتاج إلى مليونَي برميل يوميا.
52 مليار دينار
بيانات الإيرادات والنفقات التي كشف عنها مصرف ليبيا المركزي خلال عامي 2022 و2023، أظهرت حصول المؤسسة الوطنية للنفط على أكثر من 52 مليار دينار – نحو 10 مليارات دولار – خلال مدة لم تتجاوز 20 شهرا.
وتحصلت المؤسسة، وفقا لتلك البيانات، على 37.6 مليار دينار كترتيبات مالية خاصة في أبريل من عام 2022، بينما تحصلت على 17.5 مليار دينار في 2023، وهو ما يعني أن كل هذه الأموال قد تحصلت عليها المؤسسة في ظل ولاية رئيسها الجديد فرحات بن قدارة، عقب تسميته من حكومة الدبيبة في يوليو 2022.
20% من نفقات الدولة
هذا التمويل غير المسبوق لقطاع النفط، شكل ما يقارب 20% من إجمالي كل نفقات الدولة خلال السنتين الفارطتين، التي بلغت 127.9 مليارا في 2022 مقابل 125.7 مليارا دينار في 2023،
لكن ما يلفت الانتباه والملاحظة هو أن إجمالي بند المرتبات والعلاوات وما شابه في تلك الميزانية بلغ 4 مليارات دينار، ويشمل ذلك تسوية مستحقات عالقة لآلاف العمال والموظفين، دون تحديد أوجه صرف المبلغ المتبقي البالغ 48 مليار دينار !
وعود بن قدارة
بررت الحكومة هذه الميزانية المرتفعة بزيادة الإنتاج، وتعهد رئيس المؤسسة فرحات بن قدارة في أغسطس 2022، ببلوغ مليونَي برميل يوميا من خلال خطة عمل على المدى المتوسط تمتد من 3 إلى 5 سنوات للمشاريع، مؤكدا أن القدرات المتاحة الآن تسمح من حيث المكامن والاحتياطيات بالوصول إلى هذه المعدلات.
لكن وعود بن قدارة ما زالت بعيدة جدا حتى الآن، إذ لم يتجاوز السقف الذي حققه سلفه مصطفى صنع الله سابقا البالغ 1.2 مليون برميل يوميا، رغم أن مدة رئاسة بن قدارة كانت أكثر استقرارا مقارنة بصنع الله.
توصية من حفتر
وتفنيدا لكل الشائعات وقطعا لكل التخمينات، كشف بن قدارة في نوفمبر الماضي، خلال لقاء تلفزيوني مع قناة الوسط، أن خليفة حفتر هو من طلب منه ترؤس المؤسسة باتفاق مع عائلة الدبيبة الذين كان على علاقة بهم إبان توليه منصب محافظ مصرف ليبيا المركزي سابقا، نافيا أن تكون أي دولة خارجية قد اختارته أو دفعت به للمنصب، في إشارة إلى الإمارات.
دون دراسة
الميزانية المرتفعة التي سيلت للمؤسسة والمعللة بزيادة الإنتاج، لاقت انتقادات لاذعة من ديوان المحاسبة في تقريره لعام 2022 الصادر في 26 من أكتوبر الماضي.
الديوان وصف الميزانية الاستثنائية للمؤسسة بالمبالغ فيها، مؤكدا أنها صدرت دون دراسة مستوفية، إذ لم يترتب عليها أي زيادة في الإنتاج، وهو الهدف الرئيس لإقرارها.
خطة غير متكاملة
الديوان أشار أيضا إلى عدم وجود خطة متكاملة مستوفية للعناصر كافة ومراحل التخطيط وفقًا للمنهجيات المتعارف عليها، ولا ما يفيد بأن هذه المخصصات تستهدف خطة زيادة الإنتاج إلى مليونَي برميل يوميا، وفق برنامج زمني محدد.
وأكد الديوان أن الميزانية قد جرى تحديدها بناء على طلبات الشركات التي بالغت في تحديدها من خلال خلق مشاريع واحتياجات غير مخططة، دون مراعاة لإمكانياتها المحدودة وقدراتها الضعيفة، إذ حولت المؤسسة 21.5 مليار دينار لتلك الشركات، دون خطط واضحة، خاصة شركات الخليج العربي وزلاف والواحة، بينما ما زال نحو 13 مليار دينار لدى المؤسسة، لم يجر تحويله لعدم توفر متطلبات التحويل للشركات.
فأين صرفت كل هذه الأموال؟ وما الخط الزمني لزيادة الإنتاج اليومي للنفط؟