حط رئيس مجلس النواب عقيلة صالح، الرحال في تركيا، في زيارة تحمل دلالات كثيرة من حيث الوقت والغاية، خاصة مع إعلان عقيلة مطلع ديسمبر الجاري أن حكومة مصغرة ستشكل قبل نهاية الشهر، في حين قالت مصادر صحفية، إن عقيلة سيتجه إلى القاهرة بعد زيارته أنقرة للقاء مسؤولين مصريين بخصوص دعم تشكيل هذه الحكومة.
تأكيد تشكيل حكومة جديدة
وعقد صالح عدة لقاءات في أنقرة، كان أبرزها مع الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، حيث جدد تأكيده على ضرورة تشكيل حكومة جديدة في ليبيا للإشراف على الانتخابات البرلمانية والرئاسية في البلاد، مشيداً في الوقت ذاته بالموقف التركي في كارثة الفيضانات التي ضربت المنطقة الشرقية سبتمبر الماضي، وبدوره طالب الرئيس التركي بضرورة الإسراع بإيجاد حل توافقي للأزمة في ليبيا.
موقف واضح
المحلل السياسي السنوسي إسماعيل قال، في تصريح للرائد، إن موقف عقيلة صالح واضح وهو البناء على ما توافق عليه المجلسان، واعتبار القوانين الانتخابية تشريعات ليبية نافذة محصنة دستورياً، وحصر النقاش حول الجانب التنفيذي في تلك القوانين، وبالأخص تشكيل حكومة موحدة وجديدة تشرف على البلاد قبيل الانتخابات المزمعة.
وتابع السنوسي أن رئيس مجلس الدولة محمد تكالة أجرى زيارات خارجية عديدة قبل عقيلة صالح، والفارق بينهما أن تكالة يسعى لنقض التوافق بين المجلسين، ومحاولة العودة بالعملية السياسية للمربع الأول، وإطلاق ماراثون جديد قد لا ينتهي أبدا للنقاش حول القوانين الانتخابية التي أنجزتها لجنة 6+6 المنبثقة من التعديل الدستوري الثالث عشر المتوافق عليه بين المجلسين.
وأشار السنوسي إلى أن عقيلة صالح واجه الأتراك بحقيقة واضحة، وهي أن القوانين الانتخابية غير قابلة للنقاش، وطلب من تركيا دعم تشكيل حكومة موحدة، لكن الأتراك لم يحددوا موقفهم، وتصريحاتهم حذرة بشأن توافقات مجلسي النواب والدولة.
ورجح السنوسي أن يكون سبب عدم تحديد الأتراك موقفهم بعدُ هو أنهم يريدون سماع وجهة نظر مجلس النواب في الاتفاقية الليبية التركية وإمكانية تصديقها، كما أن أنقرة تتريث في اتخاذ موقف جديد قبل أن تضمن التوافق مع مصر حول مستقبل العملية السياسية الليبية، وفق تعبيره.
تفاهم ليبي أولا
من جهته، رأى المحلل السياسي موسى تيهوساي، أن عقيلة لم يجد تجاوبا واضحا من الأتراك بشأن مسألة تشكيل حكومة جديدة وإن كانوا لا يرفضون ذلك من حيث المبدأ.
وتابع تيهوساي، في تصريح للرائد، أن أنقرة متخوفة من دعم مسار قد يؤدي إلى الانتخابات، خصوصا أن سياسية الأمر الواقع التي تعمل بها الأطراف الليبية، ومنها حكومة الوحدة الوطنية، لا تشير إلى نجاح الذهاب إلى حكومة جديدة دون توافق محلي، والقصد هنا هو رأي مجلس الدولة الرافض حتى الآن لتشكيل حكومة جديدة، ورأيه غير الواضح بشأن القوانين الانتخابية الأخيرة.
وذكر تيهوساي أن الأتراك أوضحوا لعقيلة أن شرط نجاح أي مسار هو حدوث تفاهم ليبي ليبي أولا ثم البحث عن دعم إقليمي ودولي، وهو أمر ما يزال صعبا بالنظر إلى حالة مجلسي النواب والدولة والتناقض الصارخ في تصريحات رئيسيهما عقيلة وتكالة، وفق قوله.
حشد الدعم
المحلل السياسي محمد فؤاد رأى أن زيارة عقيلة تأتي في إطار حشد الدعم لتشكيل حكومة جديدة، وبسبب مشاكله المتفاقمة مع بلقاسم حفتر الذى أصبح المسيطر الحقيقى على مجلس النواب، وفق تعبيره.
وأضاف فؤاد في تصريح للرائد، أن الصعوبة تكمن في تشكيل حكومة جديدة، خصوصا بعد قرار مجلس النواب رفض المشاركة في اجتماعات باتيلي، بإيعاز من بلقاسم حفتر رغم أنه يتفق مع الخط العام لعقيلة، حسب قوله.
وتتزامن زيارة عقيلة مع قرب انعقاد طاولة الحوار الخماسية بين “الأطراف الرئيسية” التي دعا لها رئيس البعثة الأممية في ليبيا عبدالله باتيلي، في حين لم تتضح بعد معالم ووقت ومكان هذا الاجتماع ومدى موافقة كل الأطراف المدعوة إليه.. فهل تؤتي جهود عقيلة ثمارها ويقطع الطرق على “باتيلي”؟