تمضي البعثة الأممية برئاسة عبدالله باتيلي في الحشد الدولي والمحلي لمبادرتها المعنية بجمع الأطراف الخمسة (مجلسي النواب والدولة وحكومة الدبيبة وحفتر والمجلس الرئاسي) بغية إنهاء المسائل العالقة في طريق الانتخابات.
بيد أن المبادرة منذ الساعات الأولى لإعلانها اصطدمت بواقع الإقصاء الذي انتهجته البعثة باختيار خمسة أطراف، وتجاهل طيف واسع من المشاركة في المباحثات، وهو أمر يدفع للتساؤل كيف يمكن لحوار يتعمد إقصاء المكونات الثقافية والاجتماعية أن ينجح وينهي أزمة عالقة لسنوات طويلة؟
رفض النواب
مجلس النواب الذي يحمل صفة الجهة التشريعة في البلاد هو أبرز الأطراف الرافضة للمشاركة في مبادرة باتيلي حيث قال المجلس، إن هذه المبادرة لا تحترم الإرادة الليبية والمؤسسات الشرعية المنتخبة من الشعب الليبي وما انبثق عنها من مؤسسات تنفيذية.
واستنكر المجلس في بيان لهتجاهل الحكومة المنبثقة عن مجلس النواب، وعدم احترام البعثة لمخرجات المجلس المتعلقة بالتعديل الدستوري الثالث عشر، وقرار منح الثقة للحكومة الليبية التي لم تُدعَ لاجتماع باتيلي.
انحياز لحكومة الدبيبة
في المقابل فقد أعربت الحكومة الليبية المنبثقة عن مجلس النواب برئاسة أسامة حماد عن استغرابها من إقحام البعثة الأممية لحكومة الدبيبة في الحوار الذي يعتزم باتيلي عقده مقابل إقصاء حكومة شرعية مكلفة من مجلس النواب، بحسب بيان صادر عنها.
وأكدت الحكومة الليبية رفضها إشراك المجلس الرئاسي وحكومة الدبيبة في الاجتماع، معللة ذلك بأن هذين الطرفين كيانان منبثقان عن اتفاقات سابقة، وانتهت مدتها وولايتها، كما أنها لم تُنتخب ولم تنبثق عن كيان شرعي.
أطراف دون تمثيل
يرى مراقبون أن هناك عدة أطراف لم يتم تمثيلها في هذا الاجتماع، على رأسها مكون الأمازيغ، حيث أصدر المجلس الأعلى لأمازيغ ليبيا قبل أيام بيانا شديد اللهجة هدد من خلاله حكومة الدبيبة التي قامت بنشر قوات مشتركة في نطاق مناطق الامتداد الأمازيغي على الشريط الساحلي قرب الحدود التونسية.
وفي مدينة سرت الخاضعة لسلطة حفتر لم تتجه البعثة الأممية لاختيار ممثلين لهذه المدينة التي لا تزال تواجه إشكالات امنية وسياسية مع عدة جهات؛ لأن ممثلي هذه المناطق يرون أنفسهم محاصرين؛ لأنهم محسوبون على النظام السابق، وفي الجنوب الغربي أيضا يعارض مكوني التبو الطوارق مشروع الدستور المقترح وبعض قرارات مجلسي النواب والدولة..
وأما مدينتا مرزق وترهونة فمازالتا تعاني من أوضاع أمنية انعكست سلبا على النسيج الاجتماعي.
ففي ترهونة لا زال النسيج القبلي ممزقا منذ نهاية حرب طرابلس.
ولا زال معظم سكان مرزق العرب خارجها؛ بسبب ما يرونه تهجيرا من مجموعات معينة.
فمن يمثل هذه الأطراف؟
وهل يمكن لحوار يعتمد على الإقصاء أن ينجح؟
تناقض باتيلي
مبادرة باتيلي تعيد إلى الأذهان تصريحات وإحاطات عديدة له شدد خلالها على ضرورة إشراك الشباب والنساء والأحزاب وكافة مكونات المجتمع في أي مقاربة سياسية لضمان نجاحها.
وهو تناقض لباتيلي بين الأمس واليوم حيث إن المبادرة الأخيرة تختزل المشاورات في خمسة أطراف، وتتجاهل مكونات أخرى اجتماعية وسياسية وعسكرية.
فعلى أي أساس اختار باتيلي الأطراف المشاركة في مبادرته؟