مسار جديد تهدف إليه البعثة الأممية إلى ليبيا برئاسة عبدالله باتيلي متمثلة في دعوة الأخير ما أسماها الأطراف الرئيسية إلى اجتماع لتسوية القضايا الخلافية بشأن الانتخابات المتعثرة، والمقصود المجلس الرئاسي ومجلسا النواب والدولة وحكومة الدبيبة وقيادة قوات حفتر.
مبادرة باتيلي لقيت انتقادات من عدة أطراف كونها اختزلت الحل في الأطراف الخمسة وأهملت أطرافا أخرى مؤثرة في المشهد السياسي من قوى عسكرية وأحزاب سياسية ومكونات ثقافية وغيرها.
تهميش الجنوب
أول من أعلن رفضه لمبادرة باتيلي الأخيرة، كان أعضاء مجلسي النواب والدولة عن المنطقة الجنوبية وذلك لعدم وجود أي تمثيل للمنطقة في مباحثات الطاولة الخماسية.
وبحسب بيان للمكتب الإعلامي لمجلس الدولة، فإن أعضاء المجلسين عن المنطقة الجنوبية اتفقوا على رفض المبادرة وعلى تقديم وثيقة فزان إلى باتيلي، التي تتضمن الرؤية الاستراتيجية للتنمية والاستقرار في منطقتهم.
وهم وهراء
وفي سياق متصل، رأى عضو مجلس النواب بلخير الشعاب، أن الاجتماع الذي دعا إليه باتيلي لن ينتج أي حلول، مؤكدا أن باتيلي نفسه متأكد من عدم وصول هذه المبادرة إلى أي حلول للأزمة والانسداد الحالي.
وشدد الشعاب في حوار مع الرائد، على أن باتيلي يحاول تسويق الوهم والهراء بحديثه عن المسائل العالقة، مشيرا إلى أن البعثة برئاسة باتيلي بالسعي جاهدة لإطالة عمر الحكومة الحالية في طرابلس.
وأردف “المسألة الوحيدة العالقة في طريق إجراء الانتخابات، هي تشكيل حكومة موحدة، وهذا ما لا يريده باتيلي”.
إضاعة للوقت
ويوافق الشعابَ عضوُ المجلس الأعلى للدولة أحمد بوبريق الذي يرى أن الهدف الرئيسي وراء مبادرة باتيلي، هو استمرار حكومة الدبيبة في السلطة.
ويقول بوبريق في حديث للرائد، إن مبادرة باتيلي الأخيرة غير جدية ولن تقدم شيئا إلا إضاعة الوقت إذ سيبقى الوضع كما هو عليه من انقسام وعدم استقرار.
وأضاف “لو كانت البعثة جادة في حل الأزمة فالأولى بها دعم جهود المجلسين وخارطة الطريق التنفيذية للقوانين الانتخابية المتفق عليها بين مجلسي النواب والدولة”.
أطراف معطلة للانتخابات
وفي المقابل، يشدد عضو المجلس الأعلى للدولة خليفة المدغيو على أن مبادرة باتيلي الأخيرة لن تنجح لاختزالها في جزء بسيط من الأطراف الليبية، مبينا أن بعض الأطراف التي دعاها باتيلي للمشاركة في مبادرته معطِّلة للعملية السياسية، فكيف ستكون طرفاً في حل الأزمة، وفق قوله.
وقال المدغيو في تصريح للرائد، إن البعثة تتخذ خطوات بعيدة عن جهود مجلسي النواب والدولة وما حققاه من توافق، وذلك لإطالة الأزمة، مبيناً أن جُلّ تحركات المبعوث الأممي تؤكد أنه يسعى إلى استمرار حكومة الدبيبة في السلطة.
وأردف “نعتقد أن الهدف الرئيسي لاختزال حل الأزمة في الأطراف الخمسة، هو استمرار حالة الانسداد فالأطراف الدولية تسعى إلى الحفاظ على حالة الانقسام التي تعيشها البلاد للمحافظة على مكاسبها”.
باتيلي يناقض نفسه
ويرى مراقبون أن مبادرة باتيلي تعيد إلى الأذهان تصريحات وإحاطات عديدة له شدد خلالها على ضرورة إشراك جميع أطراف المشهد الليبي بل أشار إلى إمكانية تجاوز الأجسام السياسية الحالية لكونها معرقلة للحلول.
وكان باتيلي قد دعا إلى تجاهل مجلسي النواب والأعلى للدولة الليبيين وعدم ربط مستقبل البلاد بهما، وسط اتهامات لهما بالسعي لتقاسم السلطة في ليبيا عبر ترتيبات انتقالية جديدة.
وقال المبعوث الأممي، خلال مشاركته في ملتقى نخب فزان بطرابلس يوليو الماضي، إن “مستقبل البلاد يجب ألّا يتوقف على مجلسي النواب والدولة، بل على طموحات المواطنين”.
لكن المبادرة الأخيرة تختزل المشاورات في خمسة أطراف، فعلى أي أساس اختار باتيلي الأطراف المشاركة في مبادرته؟