يعود ملف رفع الدعم عن المحروقات إلى الواجهة مجدداً بعد تصريحات رئيس حكومة الوحدة الوطنية عبدالحميد الدبيبة الأخيرة، بشأن ضرورة رفعه واستبداله بالدعم النقدي المباشر، لكن هذه الخطوة على الرغم من أهميتها فإن مراقبين يرون أن الوقت ليس مناسبًا لها في ظل الانقسام الحكومي.
الحل وحيد
تجدد الجدل حيال رفع الدعم عن المحروقات كان على خلفية تصريح لرئيس حكومة الوحدة الوطنية عبدالحميد الدبيبة، أكد خلاله أن الحل الوحيد للقضاء على تهريب المحروقات هو رفع الدعم واستبداله بدعم نقدي.
وقال الدبيبة خلال اجتماع وزاري إن شركات التوزيع كشركة البريقة تشتكي من ظاهرة التهريب، مشيرا إلى استمرار عمليات تهريب الوقود في المنطقة الشرقية رغم ضرب مخازن التهريب في المنطقة الغربية، وفق قوله.
وأضاف “أجرينا استطلاعا لآراء الشباب حول ملف الوقود وطرحنا عليهم ثلاثة خيارات، وهو بقاء الوقود مدعما أو استبدال دعم المحروقات بالدعم النقدي أو تحويل دعم المحروقات إلى دعم جزئي وتخصيص كوبونات للمواطنين للحصول على الوقود من المحطات، وتفاجأنا أن الشباب اختاروا أن يبقى الوضع على ما هو عليه”.
حكومة موحدة مسألة رفع الدعم عن الوقود في ليبيا أمر ليس سهلاً في هذا الوقت رغم أهميتها، إذ يرى المستشار الاقتصادي وحيد الجبو في حوار مع الرائد، أن هذا القرار يتطلب وجود حكومة موحدة تشرف على تطبيقه، مؤكدا أنه قرار مهم لتخفيف العبء عن الموازنة العامة.
وشدد الجبو على ضرورة تعويض المواطنين في حال رفع الدعم إما بدفع علاوة الوقود أو عبر استخدام البطاقة الذكية لتحديد كمية الاستهلاك لكل مواطن، مشيرا إلى أن دعم المحروقات يكلف الخزانة العامة 11 مليار دينار سنوياً.
غير ممكن
وفي المقابل، يؤكد الخبير الاقتصادي أبوبكر طور، أن رفع الدعم عن المحروقات في الوقت الحالي غير ممكن، منبّها إلى أن الدعم النقدي محفوف بمخاطر، منها عدم تقيد الحكومة الحالية بخطة مدروسة لاستبدال الدعم، كما أن الآلية صعبة التطبيق لعدة اعتبارات، أولها عدم توفر مخصص واضح لهذا التعويض النقدي.
وقال طور في حوار مع الرائد، إن خطة رفع الدعم يجب أن تستند إلى إحصائية بعدد السكان المستهدفين بالتعويض، وهذا غير متوفر الآن، مبينا أن استبدال الدعم يتطلب إعداد خطة مدروسة من لجان مهنية ومتخصصة فنية، خاصة في تقدير الاستهلاك اليومي والأسبوعي والشهري لمختلف أنواع السيارات.
30 مليارا
وكان مدير إدارة الدراسات والبحوث بمصرف ليبيا المركزي، ناجي عيسى، قد قال إن فاتورة تهريب الوقود تقدر بأكثر من 30 مليار دينار وبنسبة 30% من قيمة فاتورة المحروقات.
وأضاف عيسى، خلال اجتماع حكومي مايو الماضي، أن فاتورة الدعم، وفق هيكل الإنفاق العام خلال 2022، بلغت 50.8 مليار دينار، مبيناً أن حجم الإنفاق على الدعم خلال الفترة من 2011 إلى 2022، بلغ 170.4 مليار دينار، في حين بلغ الإنفاق على التنمية خلال تلك الفترة 81.4 مليار دينار.
خسائر التهريب
تهريب المحروقات كان وما زال يكلف الدولة الليبية خسائر جمة نتيجة انخفاض الأسعار، فقد كشف تحقيق استقصائي أجرته منظمة “ذا سنتري” المعنية بالتحقيقات الاستقصائية أن ليبيا تتكبد ما لا يقل عن 750 مليون دولار سنويا نتيجة تهريب الوقود.
وبين التحقيق أن حجم المنتجات النفطية المستوردة في العام 2022 زادت بنسبة 19٪ بسبب التهريب غير المشروع للوقود بقيمة تتعدى 5 مليارات دولار مقارنة بالعام 2021.
الوقود الأرخص
قرار رفع الدعم عن الوقود من أكثر الملفات حساسية في البلاد لكونه يمس المواطنين مباشرة، وإن نُفذ رفع الدعم وتعثر التعويض فإن ذلك سيدفع الكثيرين إلى حافة الفقر في هذا البلد الغني بالنفط، الذي يعدّ سعر المحروقات فيه من بين الأرخص عالميا حيث يبلغ سعر لتر البنزين نحو 0.15 دينارًا ليبيًا ما يجعله الأرخص عالميًا بعد فنزويلا، بحسب بيانات موقع “الطاقة” المتخصص.
وأنت، هل تؤيد رفع الدعم عن المحروقات في الوقت الحالي أو تأجيله إلى حين تشكيل سلطة جديدة منتخبة؟ .