تستمر الدبلوماسية التركية بالتواصل مع كافة الأطراف الليبية، في انعكاس واضح لرغبة أنقرة في المحافظة على التوازن في تعاملها وعدم تمسكها بطرف وحيد تربطها به مصالح جمة، أهمها اتفاقية ترسيم الحدود البحرية.
وفد تركي يزور بنغازي وطرابلس
وفي آخر التطورات، وصل وفد تركي رفيع المستوى برئاسة نائب وزير الخارجية التركي أحمد يلدز والسفير التركي لدى ليبيا كنعان يلمز، إلى مدينة بنغازي للمشاركة في المؤتمر الدولي لإعادة إعمار درنة والمدن والمناطق المتضررة جراء العاصفة دانيال، الذي تنظمه الحكومة الليبية برئاسة أسامة حماد.
وسبق ذلك لقاءات أخرى عقدها الوفد التركي في العاصمة طرابلس، منها مع عبد الحميد الدبيبة لإطلاعه على مساعي تركيا لفتح القنصلية التركية في بنغازي، والشروع في تنفيذ الإجراءات الفنية والإدارية لانطلاق عملها.
كما بحث الجانبان إعفاء مواطني البلدين من التأشيرات، وتسهيل إجراءات إقامة الليبيين في تركيا من طلبة ومرضى ورجال أعمال، إلى جانب عودة الخطوط التركية إلى العمل في ليبيا.
توافق الشرق والغرب
ويرى الباحث في العلاقات الدولية التركي مهند حافظ أوغلو، أن تركيا تسعى جاهدة إلى خلق توافق بين الشرق والغرب، خاصة بعد الكثير من المتغيرات ضمن البيت الليبي، وهي محاولة للتوازن ما بين غرب ليبيا وشرقها.
وقال أوغلو في حوار مع الرائد، إن الرغبة في التوازن التي تنتهجها أنقرة تهدف للحفاظ على مصالحها، خاصة أن ليبيا لا تملك إلى الآن سلطة منتخبة تستمر فيها حكومة دائمة لـ 4 أو 5 سنوات، وهذا الأمر ينعكس سلبا على المجال الدبلوماسي والعسكري والاقتصادي لتركيا في ليبيا.
وأضاف”هناك مصالح تركية ورغبة في إعادة الإعمار، وهذا لا يتأتى إلا ضمن الاستقرار السياسي من خلال الانتخابات، ولكن هناك أطرافا محلية وإقليمية ودولية لا تريد الانتخابات رغم توافق لجنة 6+6 على القوانين، ولهذا تسعى أنقرة لإعطاء رسالة واضحة بأنها ليست منحازة للغرب وأنها منحازة للاستقرار وللديمقراطية”.
الشركات التركية
ويرى المحلل السياسي إسماعيل السنوسي، أن زيارة الوفد التركي إلى مدينة بنغازي تهدف لضمان مشاركة الشركات التركية في مشاريع إعادة بناء درنة ومدن الجبل الأخضر المنكوبة، كما يتماهى مع سياسة الدول الغربية في المحافظة على استمرار الانقسام وإدارة الأزمة.
وفي تصريح للرائد، قال السنوسي إن تركيا مدّت جسور علاقاتها مع الحكومتين في طرابلس وبنغازي، وهي ذات السياسة التي فرضتها الولايات المتحدة والدول الغربية على المجتمع الدولي، وما زالت مستمرة في رفض كل الخطوات التي تتفق عليها الأطراف السياسية الليبية بعيدا عن تدخل بعثة الامم المتحدة المشبوه وبعيدا عن إملاءات سفراء الدول الغربية.
انفتاح
ومن جانبه، اعتبر الناشط السياسي موسى تيهوساي أن تركيا ترى جيدا مصلحتها على كل المستويات في مدى انفتاحها على كل الأطراف في ليبيا وإمكانية العمل في شرق البلاد على مستوى الاقتصادي والدبلوماسي.
وقال تيهوساي في تصريح للرائد، إن هذا الأمر أمامه الكثير من التحديات؛ لأن المنطقة الشرقية منطقة نفوذ مصر ودول أخرى منها روسيا، وهو ما يشكل صعوبة كبيرة لتركيا خلال شق طريقها لاستعادة العلاقات مع من يحكم تلك المنطقة خصوصا عسكريا.
وبيٌن تيهوساي أن أنقرة لديها حكمة كافية وخبرة معتبرة في السير مع التناقضات والحفاظ على خيوط اتصال مهمة مع كل الأطراف.
الاتفاقية البحرية
ويرى مراقبون أن الدبلوماسية التركية تسعى للحفاظ على مصالحها عبر التواصل مع جميع الأطراف الفاعلة، خاصة أن ليبيا لا تخلو من متغيرات تطيح بحكومات وترقى بأخرى، إلى جانب مساعي تركيا للحفاظ على الاتفاقية البحرية التي وقعتها مع حكومة السراج وهي اتفاقية تربط تركيا بالشرق الليبي.