بعد ما طال انتظار صدور القوانين الانتخابية التي أعدتها لجنة 6+6، ها هي ذا قد صدرت عن مجلس النواب دون أيّ تعديل، وسُلّمت لمفوضية الانتخابات للشروع في التجهيز للعملية الانتخابية المرتقبة، ومع هذه الخطوة المتقدّمة برزت على السطح ملامح خلاف جديد ومخاوف من تعطيل الانتخابات عبر الإخلال بالقوانين الانتخابية وعرقلتها.
تكالة واختلاف النسخ
بعد ساعات من إعلان مجلس النواب تسليم نسخة من القوانين الانتخابية إلى رئيس مفوضية الانتخابات عماد السائح، وجّه رئيس المجلس الأعلى للدولة محمد تكالة خطابا للمفوضية يدعوها إلى التقيد بالنسخة الأولى لقوانين الانتخابات الرئاسية والبرلمانية التي أعلنتها لجنة 6+6 يونيو الماضي في مدينة بوزنيقة المغربية.
وطالب تكالة المفوضية بالامتناع عن تنفيذ أي تشريعات مخالِفة للنسخة الأولى للقوانين الانتخابية، والنأي بنفسها عن أي تجاذبات سياسية، وفق قوله.
البعثة والنواب
وفي خطابين آخرين للمبعوث الأممي عبدالله باتيلي ورئيس مجلس النواب عبدالله عقيلة، أكّد تكالة تمسكه بالنسخة الأولى للقوانين الانتخابية ورفض النسخة المعدلة التي أصدرها مجلس النواب الأربعاء الماضي.
ورأى تكالة أن مجلس النواب لم يلتزم بإنفاذ مخرجات عمل اللجنة ولجأ إلى إجراء تعديلات على ما قدمته، مشددا على أن أعمال اللجنة ملغيّة، ولا يترتب عليها أيّ أثر لعدم التزام مجلس النواب بمخرجاتها ولجوئه إلى تعديلات عليها.
نصاب قانوني
وبعد يوم واحد من مخاطبة تكالة للمفوضية والبعثة والنواب، شدّدت لجنة 6+6 على أن القوانين الانتخابية التي صدرت هي النسخة النهائية التي أجرت عليها اللجنة بعض التعديلات ووقعت بنصاب قانوني.
وبيّنت اللجنة، في بيان لها، أن التعديلات التي أجرتها اللجنة على النسخة المعتمدة في أبوزنيقة لم تمس جوهر الاتفاق، وأن مجلس النواب أصدر القوانين دون أي تعديل، مؤكدة أن التعديلات أُجريت لتصحيح بعض الأخطاء المادية وتضمين الملاحظات التي وردت من مفوضية الانتخابات والبعثة الأممية.
وأردفت “اعتماد مادة إلزامية لتشكيل حكومة جديدة، هو شرط كان موجودًا في اتفاق جنيف السابق وُضع ملزِماً حتى لا تكون لمرشح ميزة على آخر، ولا تُستغَلَّ موارد الدولة وإمكانياتها لدعم أي مترشح دون غيره”.
حلّ اللجنة
وخلال الأربعاء الماضي، أصدر رئيس مجلس النواب عقيلة صالح، القوانين الانتخابية الصادرة عن لجنة 6+6، وأمر بإحالتها وتسليمها إلى المفوضية الوطنية العليا للانتخابات بعد يومين من إقرار المجلس لها في جلسة الاثنين الماضي.
وفي اليوم ذاته، قرّر مجلس الدولة حلّ فريقه الممثل له في لجنة 6+6، بعد إنجاز مهمته وإعلانه التمسك بنتائج أعمال اللجنة في نسختها الموقعة في بوزنيقة المغربية.
إلغاء القوانين
وعلى خلفية الجدل الذي صاحب جلسة الأعلى للدولة الأربعاء الماضي، قال عضو المجلس مصطفى التريكي، إن رئيس المجلس محمد تكالة حاول إلغاء القوانين الصادرة عن لجنة 6+6 و إنهاء الأمل في حلم الانتخابات.
وأضاف التريكي في تصريح صحفي، أن تكالة حاول تمرير حل لجنة الـ6 الممثلة عن مجلس الدولة، في جلسة معلقة بالمخالفة للائحة الداخلية، لافتا إلى أنه لم يُصوَّت في الجلسة السابق على تعليقها، كما تنص اللائحة الداخلية.
نهائي وملزم
في المقابل، شدد عضو المجلس الأعلى للدولة بلقاسم قزيط، على أن عمل لجنة 6+6 ملزم لمجلسي النواب والدولة وفق التعديل الدستوري، مشيرا إلى أن كل ما يصدر عن اللجنة لا يمكن نقضه ولا يحتاج مصادقة من مجلسي النواب والدولة.
وبيّن قزيط، في حديث للرائد، أن رئيس مجلس الدولة حاول توجيه الجلسة للتصويت على رفض تعديلات اللجنة والتمسك بمخرجات بوزنيقة، لكن نتيجة التصويت لم تعلَن ورفعت الجلسة دون معرفة نتائج التصويت، مُعربًا عن مخاوفه أن تتعامل رئاسة المجلس مع القوانين الانتخابية الناتجة عن لجنة 6+6 بشكل منافٍ للقانون، وفق قوله.
فهل ستنتهي المراحل الانتقالية بالوصول إلى انتخابات رئاسية وبرلمانية أم سيعود مسلسل وضع العوائق في طريق إجرائها؟