تساؤلات عدة أثارتها استقالة نائب المحافظ مرعي البرعصي من عضوية اللجنة المالية العليا، واعتراض أربعة أعضاء آخرين فيها على آليات العمل داخلها في وقت انتظر كثيرون مساهمة اللجنة في رأب الصداع بين مؤسسات الدولة، خاصة في حالة وجود حكومتين ، الأمر الذي دعا إلى التساؤل عن دوافع وتوفيت هذه الأحدت وتأثيرها على سير عمل اللجنة؟
إستقالة البرعصي
أعلن نائب محافظ مصرف ليبيا المركزي مرعي البرعصي استقالته من عضوية اللجنة المالية العليا المشكلة بقرار المجلس الرئاسي لمتابعة الإنفاق العام.
البرعصي في رسالة استقالته ذكر أن اللجنة شكّلت بالمخالفة للقوانين والتشريعات النافذة في الدولة الليبية، وبالمخالفة للاتفاق السياسي الموقع في الصخيرات المغربية.
عدم اتفاق
ونفى 4 من أعضاء اللجنة المالية العليا مشاركتهم أو استشارتهم في صياغة البيان المنسوب للجنة المالية العليا في 30 من أغسطس الماضي، مؤكدين عدم اتفاق اللجنة حتى الآن على آلية واضحة، وأن ما جرى هو مناقشات لإيجاد حلول فحسب.
وأشار الأعضاء، فاخر بوفرنة وعبدالله العبيدي وأحمد المرتضي وحاتم العريبي، في بيان منسوب لهم إلى أن اللجان الفرعية لأبواب الميزانية ما زالت تجمع البيانات وتحصر التعثرات في الإنفاق العام، ولم تكمل عملها بعد.
سبب قانوني
أستاذ القانون في جامعة درنة راقي المسماري يرى إن تفعيل منصب مرعي البرعصي كنائب للمحافظ بعد الاعلان عن توحيد المصرف المركزي، فرض عليه الانسحاب من اللجنة المالية العليا؛ لأنه أصبح جهة صرف يمثل السلطة النقدية في البلاد، وبالتالي فضل ترك مهام ممارسة اختصاص السلطة التنفيذية وهو ما يشير الى أن سبب الاستقالة قانوني أكثر من أي شيء آخر.
وأوضح المسماري، في تصريح للرائد، أن بيان الأعضاء الـ 4 في اللجنة المالية العليا يشير الى اعتراضهم على آلية العمل، وهو وضع شبيه لبيان لجنة 6+6 الذي صدر مؤخرا إذ قد يكون هناك ربط بين البيانين من نواحي سياسية،
فقد تكون حالة التوافق المالي مربوطة بحالة التوافق التشريعي الخاصة بصياغة القوانين، فإذا فشلت هذه تفشل تلك وهو ما يعني المساومة على التوافقات من أجل المضي قدما في إنجاحها.
نهاية دورها
من جانبه اعتبر المحلل السياسي موسى تيهوساي استقالة البرعصي بداية فعلية لانتهاء دور اللجنة من الأساس بعد توحيد مصرف المركزي وتمكن “خليفة حفتر” وغيره من الحصول على ما يريدون من التحويلات المالية دون الحاجة إلى اللجنة المالية ولا مراقبة التحويلات.
وتوقع تيهوساي في تصريح للرائد أن حفتر لن يتحدث عن اللجنة المالية العليا بعد اليوم؛ لأنه ضمِن آلية فعالة للوصول إلى مال البنك المركزي عن طريق مرعي البرعصي لافتا الى أن اعتراض الأعضاء الأربعة الاخرين على بيان اللجنة المالية العليا الاخير يفهم في هذا السياق.
بيان اللجنة الأخير
وكانت اللجنة قد أكدت، في بيانها الصادر في الـ 30 من أغسطس الماضي، إكمالها تنظيم أوجه الصرف للبابين الثالث والرابع من ميزانية عامي 2022 و 2023 التي ستصرف قريبا.
وأكدت اللجنة أنها بدأت التواصل والتنسيق مع الوزارات والجهات العامة في الدولة لتوحيد جداول الإنفاق المعتمدة وضمان التنسيق لتحقيق العدالة والشفافية.
وأشارت إلى عزمها على “تحقيق التوزيع العادل للموارد المالية، وتحقيق المشاريع التنموية في جميع المناطق”.
ودعت اللجنة الأطراف كافة لدعمها “عبر الالتزام بمقرراتها وعدم الخروج عن الإجماع الوطني والدولي”.
ومنذ تأسيسها عقدت اللجنة أربعة اجتماعات، توزعت بين سرت وطرابلس ثم بنغازي، فيما عقد آخرها في مصراتة.
مهلة حفتر
وكان خليفة حفتر قد منح في كلمة متلفزة مهلة أقصاها نهاية شهر أغسطس الماضي لما أسماه التوزيع العادل للثروة النفطية في ليبيا، مضيفا أنه تلقى مئات المذكرات من أبناء الشعب الليبي يطالبون بتشكيل لجنة عليا للترتيبات المالية، تضم شخصيات مالية وقانونية قادرة على إدارة المال العام بطريقة عادلة.
وحذر حفتر أنه في حال تعذر انطلاق عمل اللجنة فإن الليبيين سيكونون في الموعد للمطالبة بحقوقهم المشروعة من ثروات النفط، وأن “القوات المسلحة” ستكون على أهبة الاستعداد للقيام بالمهام المنوطة بها في الوقت المحدد، متهما سفراء الدول الغربية بالتدخل السلبي في الأزمة الليبية، مطالبا إياهم بعدم التدخل في الشؤون الداخلية.
وأصدر المجلس الرئاسي، في يوليو الماضي، قرارًا بتشكيل لجنة مالية عليا لتحديد أوجه الإنفاق العام ومتابعة الترتيبات المالية، برئاسة رئيسه وعضوية “17” عضوًا وذلك بهدف اعتماد ترتيبات مالية ومتابعة الإنفاق الحكومي، وضمان توزيعه العادل، في ظل الظروف الاستثنائية للدولة.