في خطوة طال انتظارها، أعلن مصرف ليبيا المركزي، توحيد المؤسسة بفرعيها في طرابلس وبنغازي، والاستمرار في بذل الجهود لمعالجة الآثار التي نجمت عن انقسامها.
وجاء هذا الإعلان بعد اجتماع عقد الأحد في طرابلس، بين محافظ مصرف ليبيا المركزي الصديق الكبير ونائبه مرعي البرعصي، وعدد من مديري الإدارات بالمصرف، لكن يبقى التساؤل هنا كيف سيترجم هذا الإعلان على أرض الواقع؟ وما انعكاساته على الوضع الاقتصادي؟ وهل سيُدار المصرف بمجلس إدارته أو بشخصية المحافظ فحسب؟
خطوة طيبة
الخبير الاقتصادي سليمان الشحومي قال في تصريح للرائد الأحد، إن عملية توحيد مصرف ليبيا المركزي خطوة طيبة ومهمة في إطار سلسلة من الخطوات شاهدناها سابقا في إطار السعي نحو توحيد المؤسسة.
وأضاف الشحومي “إذا ترجمت هذه الخطوة بفتح كامل للمقاصة وتسوية لباقي أرصدة المعلقات في فرع البيضاء سابقا ومباشرة نائب المحافظ مهامه رسميا في المقر الرئيسي للمركزي، فهي خطوة في الاتجاه الصحيح، وستحل هذا الأمر بشكل جذري”.
وأضاف الخبير الاقتصادي أن هناك مراجعة قامت بها شركة “ديلويت” تمهيدا لعملية التوحيد، ومجموعة من الخطوات التي اتخذت للوصول للتوحيد الكامل، ولذا فهذا الإعلان خطوة مهمة أيضا تضاف لسابقاتها، معرباً عن أمله أن تكون خطوة جدية حقيقية.
وأوضح الشحومي أن هذه الخطوة تمكّن المصرف المركزي من أن يمارس مهامه الرقابية الشاملة على كل مصارف ليبيا، ويتفرغ لإعادة تنظيم وتطوير سياسات النقدية والمصرفية القائمة فيه، والذهاب الى إعادة هيكلة مجلس إدارته لأنه جزء من مسألة التوحيد حتى يكون التوحيد كاملا وحقيقيا.
وبشأن تأثير هذه الخطوة على ملف تغيير سعر الصرف، رأى الشحومي أنه لا يوجد تأًثير لأن مسألة تعديل سعر الصرف تحتاج إلى وجود مجلس الإدارة، كما أن الظروف غير مناسبة كثيرا في الوقت الحالي لإجراء أي تعديل في سعر صرف العملات الأجنبية أمام الدينار الليبي، مؤكدا أن الرهان سيكون على التطبيق الفعلي والتوحيد الحقيقي ومعالجة مسألة الدين العام.
الإعلان وحده لا يكفي
ومن جانبه، رأى خبير الاقتصاد عبد الحميد فضيل في تصريح للرائد الأحد، أن إعلان توحيد المصرف بحد ذاته هو خطوة جيدة في الاتجاه الصحيح، خاصة أن المصرف منقسم منذ أكثر من 8 سنوات، ولم يجتمع مجلس إدارته كاملاً إلا مرة واحدة عبر تطبيق “الزوم”.
وأوضح فضيل أن هذا الإعلان لا يكفي، ولا بد أن تتلوه مجموعة من الخطوات الأخرى، وهي اجتماعات مجلس الإدارة والإجراءات الفنية في سبيل التوحيد، وعودى تبعية بعض المصارف من المركزي الموازي إلى المركزي بطرابلس، إضافة إلى الإشكاليات العالقة، خاصة المستعجلة منها كالمقاصة وتوحيد الحسابات بين المصرفين.
وتابع الخبير الاقتصادي أنه سبق للكبير ونائبه سابقا الحبري إعلان توحيد المركزي، بعد أن قدمت شركة “ديولويت” للمراجعة المالية تقريرها، وساد التفاؤل حينها، لكن الانقسام استمر، متسائلا هل سيكون هذا الإعلان توحيدا فعليا على أرض الواقع من خلال إجراءات فعلية، خاصة اجتماع مجلس الإدارة.
وتطرق فضيل إلى أن نتائج التوحيد لا شك أنها ستكون إيجابية، فالمصرف سيكون واحدا، ومجلس الإدارة سيطرح العديد من الملفات على الطاولة، وأهمها ملفات المقاصة، وتعديل سعر الصرف، وتعزيز قيمة الدينار الليبي، وبعض أرصدة المصارف غير التابعة للمركزي طرابلس، والعديد من الملفات الكبرى في الجانب النقدي إذا حدث التوحيد فعلياً.
وتساءل فضيل عن هذا الإعلان هل هو مبني على أسس سلمية أو هو لأسباب سياسية بالدرجة الأولى؟ وهل هو مقدمة لانفراج سياسي قادم؟ موضحا أن عملية التوحيد وحدها لا تكفي، فهي منظومة متكاملة تشمل وزارة المالية في مقابل وجود إنفاق من حكومة موازية على سبيل المثال، معربا عن خشيته من أن يصطدم التوحيد بمشكلة الانقسام السياسي من جديد.
عوامل أخرى
ورأى أستاذ الاقتصاد بالجامعات الليبية مختار الجديد، أنه إذا توحد مصرف ليبيا المركزي، فمن الممكن أن يجتمع مجلس إدارته ويناقش ملف تغيير سعر الصرف.
وقال الجديد عبر صفحته الرسمية، إن تخفيض سعر الصرف بحد ذاته تحكمه عوامل أخرى، ولا يتوقف على توحيد المصرف المركزي واجتماع مجلس إدارته.
تقليل حجم الفساد
من جهتها، رحبت كتلة التوافق الوطني بالمجلس الأعلى للدولة الأحد، بإعلان توحيد مصرف ليبيا المركزي وعودته مؤسسة واحدة، متمنية استكمال توحيد مجلس الإدارة.
وقالت الكتلة في بيان رسمي لها، إنها ترغب في توحيد المؤسسات السيادية بشكل تام وفق اتفاق المجلسين، وإنهاء حالة الانقسام والتشظي التي طالتها السنوات الماضية.
ورأت كتلة التوافق أن من شأن هذه الخطوات تقليل حجم الفساد، والمساعدة في ترشيد الإنفاق، وتسهيل عملية المراقبة والمحاسبة.
زخم جديد
ورحبت بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا بإعلان الانتهاء من إعادة توحيد مصرف ليبيا المركزي. وعبّرت البعثة عن أملها أن يساعد إعلان التوحيد على إعطاء زخم جديد لجهود توحيد جميع المؤسسات السياسية والأمنية والعسكرية في البلاد، تلبيةً لتطلعات الشعب الليبي منذ مدة طويلة.