عقب تعرضها لموجة من الاستنكار بسب تعاملها السيئ مع ملف المهاجرين غير القانونيين الذي بلغ حدّ طردهم من أراضيها نحو ليبيا..
أعلنت الداخلية التونسية الاتفاق مع الجانب الليبي، على معالجة ملف هذه الأزمة، فهل سينجح هذا الاتفاق في إنهاء تلك المعاناة أو يزيدها؟
اتفاق جديد
ليبيا وتونس اتفقتا على التكفل بإيواء جزء من المهاجرين غير القانونيين العالقين عند حدود البلدين، وفقا لتصريح الناطق باسم وزير الداخلية التونسية فاكر بوزغاية لوكالة فرانس برس.
وأوضح أبوزغية أن الاتفاق ينص على تكفل تونس بمجموعة تضم 76 رجلا و42 امرأة و8 أطفال، أما الجانب الليبي فسيتكفل بمجموعة تتألف من نحو 150 مهاجرا، عقب اتفاق وزيري الداخلية بالبلدين.
الاتفاق الذي جرى بين وزيري داخلية البلدين، أتى بعد تصريحات متوالية من حرس الحدود الليبي تفيد بتزايد أعداد المهاجرين القادمين عبر الصحراء من تونس.
تزايد مستمر
آمر اللواء الـ 19 لحرس الحدود الليبي علي والي، قال في الـ 6 من أغسطس الجاري، إن عدد المهاجرين عند الحدودفي تزايد مستمر يوميا.
وبين والي، في تصريح للرائد، أن المهاجرين في وضع صحي صعب، وأنهم يسلمون النساء والأطفال لمنظمة الهجرة الدولية، ويقدمون الرعاية اللازمة للرجال ثم يسلمونهم للجهات المختصة.
يشار إلى أن جهاز حرس الحدود نشر العديد من المقاطع المصورة لإنقاذه مهاجرين غير قانونيين قادمين من تونس، وهم في حالة يرثى لها؛ نتيجة قطعهم مسافات طويلة في الصحراء، بعد أن طردتهم السلطات التونسية باتجاه الحدود الليبية وصادرت أوراقهم.
نفي تونسي
الجانب التونسي أصر على نفي صحة الأخبار المتواردة والموثقة لدى المنظمات الدولية، عن طرده المهاجرين نحو ليبيا.
فقد نفى الناطق باسم الحرس الوطني التونسي حسام الدين الجبالي، في الـ 6 من أغسطس الجاري، صحة مقاطع الفيديو المتداولة عن المهاجرين غير القانونيين جنوب الصحراء على الحدود، مؤكدا بأنها “مفبركة والهدف منها الإساءة إلى تونس”.
وأوضح الجبالي في مداخلة على إذاعة ديوان أف أم، بأن الوحدات الأمنية التونسية عثرت على جثث لأفارقة من دول جنوب الصحراء على الحدود الغربية والشرقية.
نفي الحرس الوطني التونسي سبقه نفي رسمي من وزير الداخلية التونسي كمال الفقي في الـ 4 من أغسطس الجاري.
الفقي وفي تصريحات نقلتها وكالة الأنباء التونسية، قال إن بلاده تبذل جهوداً كبيرة لنجدة وإنقاذ المهاجرين على الحدود البرية أو البحرية، نافيا طرد أي مهاجر نحو ليبيا.
وقف فوري
النفي التونسي لطر المهاجرين جاء عقب تصريح نائب المتحدث باسم الأمم المتحدة، فرحان حق، في الـ 1 من أغسطس الجاري والذي طالب فيه السلطات التونسية بوقف عمليات طرد المهاجرين على الفور.
كما دعا المتحدث الأممي إلى ضرورة حماية جميع المهاجرين واللاجئين وطالبي اللجوء ومعاملتهم بكرامة، مع الاحترام الكامل لحقوقهم الإنسانية.
قلق عميق
وفي سياق متصل، أعربت مفوضية الأمم المتحدة السامية لشؤون اللاجئين والمنظمة الدولية للهجرة في الـ 27 من يوليو الماضي، عن قلقها العميق على سلامة وصحة مئات المهاجرين واللاجئين وطالبي اللجوء في تونس، الذين ما زالوا عالقين في ظروف مزرية بعد ترحيلهم إلى مناطق نائية ومعزولة قرب حدود تونس مع ليبيا والجزائر.
استنكار رسمي
المؤسسات الرسمية الليبية عبرت عن رفضها وانزعاجها من تداعيات أزمة المهاجرين، فقد
استنكر رئيس لجنة الداخلية بمجلس النواب سليمان الحراري في الـ 25 من يوليو، ترحيل السلطات التونسية المهاجرين إلى الحدود الليبية ووضعهم في ظروف إنسانية بالغة الصعوبة.
وأشاد الحراري، في بيان صادر عنه، بجهود حرس الحود الليبي في مساعدة المهاجرين على الحدود الليبية التونسية وتوفير الاحتياجات الإنسانية لهم.
تحذير من التوطين
ومن جانبه، حذر رئيس الحكومة الليبية المكلفة من مجلس النواب أسامة حماد،في الـ 23 من يوليو الماضي المشاركين في المؤتمر الدولي حول التنمية بروما، من اتخاذ أي قرار يسبب إحداث تغيير ديموغرافي في ليبيا بتوطين المهاجرين غير القانونيين في ليبيا تحت أي اسم.
حماد أكد في بيان رسمي، أن حكومته لن تتهاون في اتخاذ كافة الإجراءات للرد على هذه الاختراقات للسيادة الليبية إن حصلت فعلا.
وكان صحافيون تابعون لوكالة الصحافة الفرنسية قد أكدوا في الـ 17 من يوليو الماضي، وجود عدد من المهاجرين في منطقة صحراوية غير مأهولة قرب الحدود التونسية-الليبية يعانون من الإرهاق والجفاف، بعدما تركوا لمصيرهم.
ووفقا لشهادة أحد المهاجرين للوكالة فإن قوات الأمن التونسية ألقت القبض عليه مع زوجته مع مهاجرين آخرين ونقلتهم في شاحنة إلى المنطقة الصحراوية النائية، حيث قال لهم الأمن التونسي إنهم سيرمونهم في ليبيا لأنهم ليسوا بحاجة لهم في تونس.
تواطؤ
وطالبت اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان، في الـ 17 من يوليو، النائب العام بفتح تحقيق شامل مع وزير الداخلية بحكومة الدبيية عماد الطرابلسي، في واقعة دخول 360 مهاجراً غير نظامي من تونس إلى ليبيا.
وأوضحت اللجنة أن المهاجرين جرى إبعادهم من قبل السلطات التونسية إلى المنطقة الحدودية، ومن بينهم نساء وأطفال، معتبرة ما قام به الطرابلسي “تواطؤا” مع الجانب التونسي تسبب في تحميل ليبيا مسؤولية السُلطات التونسية، إضافة إلى المسؤوليات الإنسانية المُلقاة على عاتقها.