تهريب المحروقات أزمة مستمرة منذ سنوات تكلف خزائن الدولة مليارات الدولارات سنوياً، وتحدث شحا في الوقود في مناطق عدة في بلاد على رأسها الجنوب دون أي حلول من الجهات المسؤولية حتى الآن، في وقت يعد فيه سعر البنزين الأرخص في ليبيا، من ضمن جميع دول إفريقيا بـ0.11 % للتر الواحد، وفقا للأمم المتحدة.
الوقود المدعوم من الدولة الليبية بنحو 4 مليارات دولار سنويا أصبح مصدر دخل أساسي لعصابات التهريب إلى دول الجوار خاصة الحدود الجنوبية.
30 مليار دينار
مدير إدارتي الرقابة والنقد والبحوث والإحصاء بمصرف ليبيا المركزي “ناجي عيسى” قال خلال اجتماع مجلس الوزراء لحكومة الدبيبة، إن عمليات تهريب الوقود تقدر بقيمة أكثر من 30 مليار دينار، وأن ما نسبته 30% من قيمة فاتورة المحروقات تذهب في اقتصاد الظل، وفقا لقوله.
وشدد عيسى على ضرورة أن تعمل الدولة الليبية على رفع الدعم عن المحروقات باعتبار أن سعر الوقود في الدول المجاورة لليبيا يصل إلى عشرات أضعاف سعر الوقود في ليبيا وهذا الفارق مغر لشبكات التهريب.
وأضاف “مع هذا السعر الذي يعتبر رخيصا جداً مقارنة مع دول الجوار فإن ذلك سيرهق الدولة الليبية في جهودها لمكافحة التهريب وستجد عصابات التهريب أساليبا جديدة للتهريب طمعا في الفارق المالي الكبير الذي تجنيه من خلال التهريب”
رفع الداعم واجب وطني
رئيس ديوان المحاسبة خالد شكشك شدد على أهمية رفع الدعم عن المحروقات، مؤكداً أنه أصبح واجبا وطنيا بالنظر إلى الأسعار في الدول المجاورة.
وقال شكشك، خلال اجتماع مع حكومة الدبيبة، إن رفع الدعم عن المحروقات يجب أن يقابله دعم مماثل عبر بطاقات تأمين صحي، وإنشاء بعض المشاريع التي تعود بالنفع على المواطنين.
استبدال الدعم
إلى ذلك دعا الخبير الاقتصادي أبوبكر طور في حديث للرائد السلطات الليبية إلى استبدال الدعم على المحروقات إلى دعم نقدي من خلال منظومة الرقم الوطني.
وقال طور، إن تهريب الوقود انعكس على الوضع الاقتصادي بشكل سيئ، مبيناً أنه أحد أسباب التضخم، مشيراً إلى أن رفع الدعم سينعكس بالايجاب على الدولة في جوانب أخرى، منها تخفيف الازدحام وتقليل الحوادث المرورية، بالإضافة إلى انخفاض مستوى التلوث.
خمس احتياجات تونس
وفي المقابل قالت الباحثة في قضية تهريب المحروقات حنين زغدود في حديث للرائد، إن الوقود المهرب من ليبيا إلى تونس فقط يغطي ما قرابة خمس احتياجات تونس من الوقود.
وأوضحت أن تهريب الوقود يغذي شبكات الجريمة، فمن يهرب الوقود يتاجر بأمواله في مجالات محظورة أخرى كالمخدرات والأسلحة.
وأضافت “سافرت إلى تونس خلال عملي على إجراء بحث حول قضية تهريب المحروقات ووجدت أن الوقود الليبي المهرب مصدر دخل لكثير من العائلات التونسية، خاصة المقيمة في مناطق قريبة من الحدود الليبية”
شبكات تهريب
وكان مكتب النائب العام قد كشف شهر أبريل الماضي عن شبكة من الوافدين والمواطنين متورطين في تهريب المحروقات إلى خارج البلاد إلى جانب عمليات تزويد بالوقود لـ308 محطات في الجنوب بالمخالفة.
وأوضح أن الجهات الأمنية ضبطت 21 وافداً، و3 مواطنين، وهم في حالة تلبس بحيازة 310 آلاف لتر من البنزين المجهزة للتهريب.
ورصدت النيابة العامة 108 محطات تسويق وقود يتم تزويدها بالمحروقات رغم انتفاء شرعية ممارسة النشاط؛ من بينها 33 في بلدية سبها، 33 في بلدية وادي الشاطئ، و24 محطة في بلدية أم الأرانب، و18 في بلدية القطرون.
ويبقى ملف تهريب المحروقات من ليبيا ينتظر عملا جادا من المؤسسة الحكومية لإنهائه عبر رفع الدعم أو استبداله لضمان استفادة الليبيين من الأموال المنهوبة عبر شبكات التهريب.