in

احتساب الإيرادات النفطية على سعر 4،48 يشجع الحكومات على التوسع في الإنفاق ويقوض رفع قيمة الدينار

من الأخطاء الجسيمة التي وقعت فيها الحكومة والمركزي منذ مطلع عام 2021 م هو احتساب قيمة الإيرادات النفطية وفق السعر الرسمي لصرف الدينار عند 4.48 لكل دولار بدلاً من اعتماد سعر صرف خاص لهذا الغرض يكون أقل من السعر المذكور .

حيث أدى احتساب قيمة الإيرادات النفطية عن عامي 2021 و 2022م وفقاً لسعر 4.48 إلى ارتفاع قيمتها بشكل كبير لتتجاوز عثبة 105 مليار دينار و130 مليار دينار على التوالي وفق لبيانات المركزي و الحكومة.

ملاحظة يتضمن إنفاق العام 2022 م المقدر بـ 130 مليار دينار المبالغ المخصصة للمؤسسة الوطنية للنفط و المقدرة ب 34 مليار دينار.

و في المقابل تزايدت وتيرة الإنفاق العام لتتجاوز حاجز 90 مليار دينار يرافقه إهمال واضح لجباية الإيرادات السيادية من ضرائب وجمارك وفوائض شركات عامة حيث بقيت حصيلتها دون 3 مليارات دينار فقط .

ولم تبين الحكومة بالدرجة الأولى ولا المركزي أي إجراءات متخذة بشأن فوائض الإيرادات عن عامي 2021 و2022 م المقدرة بـ 18 مليار دينار و6 مليارات دينار على التوالي، بالإضافة إلى قيمة الإيرادات النفطية المجمدة عن عام 2020 م المقدرة بـ 17 مليار دينار.

حيث يفترض قانوناً إحالة كل تلك الفوائض إلى حساب الاحتياطي العام، و ذلك عملاً بأحكام القانون رقم 127 لسنة 1971 م وتعديلاته بشأن تخصيص بعض الموارد لحساب الاحتياطي العام.

فبموجب هذا القانون يتم استقطاع ما نسبته ‎%‎15 من إيرادات النفط والغاز إلى حساب الاحتياطي العام.

لكن في ظل عدم اعتماد قانون للميزانية العامة ولا حتى آلية لترتيبات مالية خلال عامي 2021 و2022 م يحدد من خلالهما سقف الإنفاق العام والأوجه والأغراض المخصصة له وآلية تمويل العجز أو التصرف في الفوائض فضلاً عن عدم اعتماد سعر صرف خاص تحتسب على أساسه الإيرادات النفطية وفق ضوابط محددة جعل مسألة تنامي حساب الاحتياطي غير ذي أهمية ، فالحكومة والمركزي لم يشيرا لهذه المسألة نهائياً في بياناتهما الشهرية المعتادة عن الإنفاق العام والإيرادات ، كما أن اليوم جل الليبيين لا يعرفون أي شيء عن حساب الاحتياطي العام لا عن طبيعته ولا عن رصيده رغم مدى أهميته القصوى بالنسبة لهم.

فهذا الحساب ضمان لمستقبل أبنائهم ومصدر لتنويع دخل بلادهم المعتمد كلياً على النفط.

وللتوضيح أكثر… بلعت قيمة الإيرادات النفطية عن عام 2021م ما قيمته 23 مليار دولار تقريباً أي ما يعادل 103 مليار دينار وفق سعر الصرف 4.48

و في العام 2022 م بلغت الإيرادات النفطية بما فيها قيمة الضرائب والإتاوات قرابة 27.5 مليار دولار، أي ما يعادل 129 مليار دينار و فق السعر المذكور، وجل هذه الإيرادات لا توجد أي ضوابط تلزم الحكومة باستقطاع جزء منها لحساب الاحتياطي العام.

وهذا النهج ستسير عليه الحكومة أيضاً حتى خلال هذا العام الذي يتوقع أن تناهز فيه الإيرادات النفطية عثبة 30 مليار دولار وذلك وفق الكميات المنتجة يوميا المقدرة ب 1.200 مليون برميل واستقرار الأسعار عند 75 دولار للبرميل في المتوسط .

لكن اعتماد سعر خاص بموجب قوانين أو قرارات تصدر من قبل الجهات ذات العلاقة يكون أقل من سعر الصرف الحالي يتم على أساسه إحتساب الإيرادات النفطية من شأنه أن يضمن تقيد الحكومة والمركزي والتزامهما به عند إعداد مشروع الميزانية العامة، وهذا بدوره سيؤدي إلى تنامي حساب الاحتياطي العام.

فلو أفترضنا أن السعر الخاص حدد ب 3.5 دنانير للدولار وأن إيرادات النفط لهذا العام تقدر ب 30 مليار دولار وفق الكميات المنتجة وبمعدل 1.200 برميل يومياًً وبسعر 70 دولارا…

فإن بيع قيمة النقد الأجنبي ( الإيرادات النفطية ) في شكل اعتمادات مستندية وفي كافة الأغراض على سعر 4.48 تقدر ب 134 مليار دينار أي 30 مليار $ * 4.48 = 134 مليار دينار .

و عند احتساب قيمة الإيرادات النفطية لأغراض الميزانية عند 3.5 فإن قيمتها تقدر ب 105 مليار دينار، أي 30 مليار $ * 3.5= 105 مليار دينار .

وعليه فإن الفرق في قيمة الإيرادات النفطية وفق السعر الرسمي 4.48 والسعر 3.5 تقدر تقدر ب 29 مليار دينار أي 134 ~ 105 = 29 مليار دينار ، هذا الفرق يفترض إحالته مباشرةً إلى حساب الاحتياطي العام ، وبالتأكيد تقيد الحكومة والتزامها بذلك من شأنه أن يرفع ويسرع من وتيرة نمو الاحتياطي العام الذي يعتبر أداتها ووسيلتها في مواجهة الأزمات المالية جراء تقلب أسعار النفط، وفي تنويع مصادر دخل البلاد عبر توظيفه في أوجه استثمارية مختلفة، وفي إعادة إعمار ما دمرته الحروب، وفي تحسين مستوى معيشة مواطينها عبر الانفاق على التنمية، وفي رفع قيمة عملتها المحلية أمام العملات الأجنبية، وفي دعم جدارتها الائتمانية ، كما أن الإحتياطي يبقى ضمانا لمستقبل الأجيال القادمة.

كُتب بواسطة مرام عبدالرحمن

ارتفاع أسعار النفط بعد اتفاق “أوبك+” على خفض الإنتاج لأكثر من مليون برميل يومياً

سيدة ليبية تتحدى الإعاقة