in

قضية الجرف القاري بين ليبيا وتونس

أود في البداية أن أشدد أني أكتب هذا الإدراج لتغطية ناحية فنية بدون أي انحياز سياسي، حيث إني أحترم كثيرا دولة تونس وشعبها المتحضر. وبالرغم من تفهمي للضغط الاقتصادي الذي تتعرض له دولة تونس نتيجة اعتمادها على استيراد الوقود من الخارج وما يسببه من نزيف مستمر من العملة الصعبة ألا أنني لا أتفق مع ما تفضل به الرئيس قيس اسعيد حول قضية الجرف القاري بين ليبيا وتونس.


هذا وقد رفعت قضية بين ليبيا وتونس بشأن الحدود البحرية المتعلقة باحتياطيات النفط والجرف القاري أمام محكمة العدل الدولية في عام 1981. وتركز النزاع حول ترسيم الحدود البحرية بين البلدين في خليج قابس، وهي منطقة غنية باحتياطيات النفط والغاز. في حكمها الصادر في 24 فبراير 1982، حددت محكمة العدل الدولية الحدود البحرية بين ليبيا وتونس، مع مراعاة مبادئ القانون الدولي ذات الصلة، بما في ذلك طريقة الأبعاد المتساوية، التي تستخدم عادة لترسيم الحدود البحرية. كما نظرت المحكمة في الخصائص الجغرافية والجيولوجية للمنطقة، فضلاً عن مصالح الدولتين. وقد قررت المحكمة أن الحدود بين ليبيا وتونس يجب أن تتبع خطًا يبدأ من النقطة التي تلتقي فيها الحدود البرية بين البلدين بالساحل، وتمتد إلى البحر لمسافة 12 ميلًا بحريًا. بعد هذه النقطة يجب تحديد الحدود بخط متساوي البعد بين أقرب نقطتين على الساحل الليبي وتونس. قبلت كل من ليبيا وتونس حكم محكمة العدل الدولية وشرعتا في تنفيذه.
والقضية مثال على كيف يمكن لمحكمة العدل الدولية أن تلعب دورًا في حل النزاعات بين الدول وتعزيز الحلول السلمية للنزاعات.

طريقة تساوي المسافة هي طريقة معترف بها ومقبولة على نطاق واسع تستخدم لترسيم الحدود البحرية بين الدول الساحلية المجاورة. تعتمد الطريقة على مبدأ أنه يجب رسم الحدود البحرية بين دولتين عند نقطة متساوية البعد عن سواحل كل منهما.

وفقًا لطريقة تساوي المسافة، يتم رسم الحدود بين دولتين ساحليتين على طول خط يكون على مسافة متساوية من أقرب نقطة على خطوط الساحل الخاصة بهما. وهذا يعني أن خط الحدود يتبع نقطة المنتصف بين الخطين الساحليين، ويأخذ في الاعتبار تكوين الخطوط الساحلية، مثل الخلجان والمداخل والنتوءات.

تُستخدم طريقة الأبعاد المتساوية بشكل شائع في الحالات التي تكون فيها الخطوط الساحلية لدولتين متقابلة أو متجاورة، وحيث لا توجد ظروف أو عوامل خاصة تتطلب طريقة مختلفة لاستخدامها، مثل الحقوق التاريخية، والمناطق الاقتصادية الخاصة، أو المطالبات المتداخلة. طريقة تساوي المسافة معترف بها بموجب القانون الدولي، بما في ذلك اتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار، كطريقة عادلة ومنصفة لترسيم الحدود البحرية بين الدول. إنه يوفر أساسًا يمكن التنبؤ به ومستقرًا لحل النزاعات بين الدول الساحلية وتعزيز العلاقات السلمية.

وقد كان عمق المياه في خليج قابس، حيث يقع حقل بوري النفطي مقابل الخليج، من العوامل التي نظرت فيها محكمة العدل الدولية في قرارها بشأن النزاع الحدودي البحري بين ليبيا وتونس بشكل عام، يمكن أن يؤثر عمق المياه على ترسيم الحدود البحرية، حيث يمكن أن يؤثر على موقع خط متساوي البعد ومدى الجرف القاري الذي يقع ضمن ولاية الدولة.
أخذت محكمة العدل الدولية في الاعتبار العوامل الجغرافية والجيولوجية ذات الصلة في المنطقة، بما في ذلك عمق المياه وشكل الخطوط الساحلية، في تحديد الحدود البحرية بين ليبيا وتونس. وفقًا لقرار محكمة العدل الدولية، يجب تحديد الحدود البحرية بين ليبيا وتونس في خليج قابس بطريقة الأبعاد المتساوية أساسا أكثر من عمق المياه، والتي تتضمن رسم خط على مسافة متساوية من أقرب نقاط السواحل في البلدين.


وقد نظرت محكمة العدل الدولية أيضًا في حدود الجرف القاري، والتي يتم تحديدها من خلال عمق المياه والعوامل الجيولوجية الأخرى، ووجدت أن حقل بوري النفطي يقع داخل الجرف القاري لليبيا.
ويمكن أن يؤثر عمق المياه على موقع خط متساوي البعد. عندما يتميز الخط الساحلي لإحدى الدول بالمياه العميقة (مثل الساحل الليبي)، ويتميّز الخط الساحلي للولاية الأخرى بالمياه الضحلة (مثل الساحل التونسي)، فسيتم رسم خط متساوي البعد بالقرب من الولاية ذات الخط الساحلي ذي المياه الضحلة. على العكس من ذلك، عندما يكون لكلتا الولايتين خطوط ساحلية بأعماق مياه متشابهة، فسيتم رسم خط متساوي البعد في منتصف الطريق بينهما. أي أن الانحراف في الخط يجب أن يكون لصالح ليبيا في هذه الحالة.

وفيما يلي مثال لكيفية تأثير عمق المياه على ترسيم الحدود البحرية باستخدام طريقة تساوي المسافة:

لنفكر في دولتين، الدولة (أ) والدولة (ب)، مع خطوط ساحلية تبعد 200 ميل بحري عن بعضها البعض.
إذا كان عمق المياه ضحلًا نسبيًا على طول ساحل الدولة “أ” (تونس)، وعميقًا نسبيًا على طول الخط الساحلي للدولة “ب” (ليبيا)، فسيتم رسم خط متساوي البعد بالقرب من الدولة “أ” (تونس). وهذا يعني أن الدولة أ سيكون لها مساحة بحرية أكبر من الدولة “ب” (ليبيا).

من ناحية أخرى، إذا كان عمق المياه ضحلًا نسبيًا على طول الخط الساحلي لكلتا الدولتين، أو إذا كان عمق المياه عميقًا نسبيًا على طول الخط الساحلي لكلتا الدولتين، فسيتم رسم خط متساوي المسافة بينهما. هذا يعني أن كلا الدولتين سيكون لهما منطقة بحرية متساوية.

المعروف أن عمق المياه في خليج قابس من الناحية التونسية لا يتجاوز 70 متر أما من الناحية الليبية فإن عمق المياه في حقل البوري يصل إلى 170 متراً (557 قدماً). الحجة التونسية الأخيرة التي سمعتها من الرئيس التونسي قيس اسعيد أن هناك عمق أكبر في مياه في خليج قابس من الناحية التونسية ولم يتم الأخذ به في المحكمة هو أمر غير صحيح.

يمكن للقارئ الكريم مراجعة الخرائط التي أرفقها مع هذا الإدراج لتوضيح المسألة، وفيها المطالبات الليبية والتونسية وحكم محكمة العدل الدولية. وللغرابة فإن حقل البوري لم يكن أصلا في حلقة الجدال فموقعه بكل المناهج والطرق هو في المياه الاقتصادية الخالصة لليبيا.

المصدر – الصفحة الرسمية للباحث الاقتصادي محمد أحمد

كُتب بواسطة مرام عبدالرحمن

“من القاهرة”.. وزيرا الخارجية المصري والتركي يبحثان عدة ملفات منها الملف الليبي

وثائق سرية قدمها سيف القذافي للروس تثبت تقديم القذافي وعائلته أموالا لقادة من أوكرانيا وفرنسا وأمريكا