لم تمض ساعات على إحاطة المبعوث الأممي عبدالله باتيلي أمام مجلس الأمن الدولي التي اقترح خلالها تشكيل لجنة تعنى بالانتخابات في ليبيا، حتى بدأت ردود الفعل تتعالى ما بين رافض ومرحب، ما أثار التساؤلات عن إمكانية نجاح المقترح من عدمه.
باتيلي: المقترح مستند إلى المادة 64 من الاتفاق السياسي
المبعوث الأممي عبدالله باتيلي ذكر أن مقترحه بتشكيل لجنة توجيهية رفيعة المستوى مستند إلى المادة 64 من الاتفاق السياسي الموقع في الصخيرات المغربية 2015،
وتنص المادة على أن الحوار الليبي ينعقد استثناءً بناء على طلب أحد طرفي الاتفاق السياسي آن ذاك، وهما مجلسا النواب والأعلى للدولة ما يجعل تنفيذ المقترح موضع شك في حال رفضه من طرفي الاتفاق السياسي.
موقف طرفي الاتفاق من المقترح
على عجل رفض مجلس النواب مقترح “باتيلي” وعارض ما جاء فيه من مغالطات وفق بيان رسمي صادر عن رئاسة المجلس، والذي أكد فيه أيضاً ملكية الليبيين العملية السياسية.
في المقابل لم يصدر أي بيان رسمي عن رئاسة مجلس الدولة، ومن المقرر عقد جلسة طارئة للمجلس؛ لمناقشة التطورات السياسية وما تضمنته خطة باتيلي.
تباين الموقف الدولي تجاه المقترح
تباين الموقف الدولي تجاه مقترح باتيلي بدا واضحا قبل انتهاء الجلسة، وهو ما أثبتته كلمات مندوبي الدول الخمس.
حيث كانت الدول الغربية صفاً واحد دعما للمقترح، بينما حذر مندوب روسيا من استعجال الانتخابات وتجاهل ما أسماه تقدم مجلسي النواب والدولة.
ينما اعتبر مندوب الصين أن الحلول الخارجية ستقود الأزمة الليبية إلى مزيد من التعقيد.
فرص نجاح وفشل المبادرة
يتطلب نجاح مبادرة باتيلي أمرين اثنين لنجاحها وفقاً للمعطيات، أحدهما أن يطالب أحد طرفي الاتفاق السياسي بانعقاد الحوار السياسي كما تنص المادة 64 من الاتفاق.
وهنا نجد أن مجلس النواب رفض ذلك سريعاً ولم يبق محليا إلا موقف مجلس الدولة وما يتمخض عن جلسته القادمة.
وثانيهما أن نجاح مقترح باتيلي يتطلب موقفا دوليا موحدا لضمان عدم استخدام حق الفيتو من أحد أعضاء مجلس الأمن خاصة روسيا.
عضو المجلس الأعلى للدولة منصور الحصادي اعتبر في تصريح للرائد أن فرصة نجاح مقترح باتيلي مرتبط بحشد التوافق الاقليمي والدولي الداعم لها وصناعة توافقات وطنية واتخاد موقف حازم من المعرقلين سواء بالفتوى الدينية، أو بالتحريض السياسي، مشدداً على ضرورة مراعاة تحييد المال العام، وحماية الحوار من المال السياسي الفاسد.
تفادي الأخطاء السابقة وتشكيل حكومة موحدة
رئيس التجمع الليبي للأحزاب الليبية “عبدالله التقاز” أكد في تصريح للرائد دعمه لمقترح باتيلي، داعيا البعثة الأممية إلى تفادي الأخطاء السابقة المتمثلة في انعدام التمثيل الحقيقي للنسيج الاجتماعي الليبي، وإجراءات تعزيز النزاهة ومحاربة الرشوة والفساد، مبيناً أن التجمع يرى ضرورة تشكيل حكومة تنفيذية موحدة (تكنوقراط) تقود البلاد إلى الاستحقاق الانتخابي قبل نهاية العام الحالي.
تحريك المياه الراكدة
ويرى الباحث بمركز الأهرام للدراسات السياسية أحمد عليبة أن مقترح باتيلي قد يحرك المياه الراكدة بين الأطراف المحلية لتستعجل حلا داخليا قبل أن يُفرض من الخارج، داعيا في تصريحات صحفية النخبة الليبية إلى النظر في تحديات اللحظة الراهنة، وأن هناك قوى محركة ربما تحاول فرض وصاية سياسية على الليبيين.
باتيلي وتاريخه في الوساطة الأممية
لم تكن ليبيا المحطة الأولى التي بدأ بها باتيلي تاريخه في الوساطة الأممية وحل النزاعات، فقد عيّن في 2013 نائباً للممثل الأممي الخاص لبعثة الأمم المتحدة متكاملة الأبعاد لتحقيق الاستقرار في مالي (مينوسما)، وشغل منذ 2014 منصب رئيس المكتب الإقليمي للأمم المتحدة في وسط أفريقيا، واختارته المنظمة الأممية وسيطاً في أزمة بوروندي 2015 ورئيساً لمنتدى بانغي الوطني للمصالحة الوطنية في إفريقيا الوسطى.