في حدث جديد للمشهد الليبي، طرح المبعوث الأممي إلى ليبيا “عبدالله باتيلي” خلال إحاطته أمام مجلس الأمن أمس الاثنين، مبادرة لتحريك عجلة الانتخابات المتعطلة منذ سنوات تضمنت عزمه تشكيل لجنة تعنى بالانتخابات في ظل عدم اتفاق مجلسي النواب والدولة على القاعدة الدستورية حتى الآن.
المبادرة أو الخطة التي طرحها “باتيلي” تعتمد على إنشاء لجنة توجيه رفيعة المستوى تجمع “كل أصحاب المصلحة، والمؤسسات، والشخصيات، والقادة القبليين، والأطراف ذات المصلحة والنساء والشباب،” تعمل مع كل الأطراف للتوافق فيما يخص الانتخابات، وتيسير اعتماد إطار قانوني وجدول زمني ملزم بإجراء الانتخابات خلال العام الجاري 2023.
الخلاف لا زال قائما
وقال “باتيلي” في إحاطته أمام مجلس الأمن “على الرغم من استمرار الحوار بين رئيسي ووفدي مجلس النواب والمجلس الأعلى للدولة بشأن القاعدة الدستورية الناظمة للانتخابات، إلا أن الاختلافات ما تزال قائمة”.
وأوضح أن التعديل الثالث عشر على الإعلان الدستوري لعام 2011، والذي صادق عليه مجلس النواب “ما يزال محل جدل في أوساط الطبقة السياسية الليبية والمواطنين العاديين”.
وتابع باتيلي إن التعديل “لا يعالج النقاط الخلافية الأساسية من قبيل شروط الترشح للانتخابات الرئاسية. كما أنه لا يتضمن خارطة طريق واضحة أو جدولا زمنيا ملزما لتنفيذ انتخابات شاملة في 2023. بل إنه يضيف تعقيدات جديدة مثل تمثيل الجهات في مجلس الشيوخ”.
تضمنت مغالطات
وفي ردها على إحاطة “باتيلي” قالت هيئة رئاسة مجلس النواب إن الإحاطة تضمنت مغالطات بشأن فشل مجلسي النواب والدولة في إقرار القاعدة الدستورية.
وأعتبرت هيئة المجلس، في بيان صادر عنها، أن كلام باتيلي حاء متناقضا مع فقرات في الإحاطة نفسها أقرت بصدور التعديل الدستوري الذي جرى بالتشاور مع مجلس الدولة.
وأعربت الهيئة عن استغرابها من عدم ذكر “باتيلي” تعطيل انعقاد جلسة مجلس الدولة من قبل ذات القوة القاهرة التي أفشلت الانتخابات عام 2021، بالإضافة إلى عدم إشارته للفشل الذي لحق بباقي المؤسسات المنوط بها مهام جسام لإنجاح أي عملية انتخابية وسياسية.
وطالبت رئاسة المجلس المجتمع الدولي بدعم المؤسسات الليبية لإقرار التشريعات الانتخابية وتنظيم الإنفاق العام، ورفض التدخل السافر في الشأن الليبي.
وأكدت الرئاسة على أن مجلس النواب هو صاحب ملكية العملية السياسية، مشيرًة إلى أنها هي الضامن الوحيد لنجاح أي مبادرات وفقا لما نصت عليه المادة 64 من الاتفاق السياسي عبر لجنة الحوار بالمجلسين.
محاولة تجاوز الأجسام السياسية يضع البعثة في موقف غير محايد
اتفاق الصخيرات هو الأساس
ومن جهتها أوضحت وزارة الخارجية بالحكومة الليبية تعليقا على إحاطة “باتيلي” أن الاتفاق السياسي الموقع في الصخيرات هو الأساس الذي تستند إليه وتتعزز به شرعية مجلسي النواب والأعلى للدولة.
وأكدت الوازرة، في بيان صادر عنها، على أن الحكومة الليبية برئاسة فتحي باشاغا انبثقت عن مجلس النواب بالتوافق مع مجلس الدولة والمادة 64 التي استند عليها في تقديم خطته على اتفاق الصخيرات أيضا.
وقالت الوزارة، إن محاولة تجاوز الأجسام السياسية الرسمية لا يساعد في الوصول إلى حلول ناجحة ومرضية، وتضع البعثة في موقف غير محايد.
رفض المقترح
بدوره أكد عضو مجلس النواب عبد المنعم العرفي على أنه لا يمكن فرض حلول علي الليبيين من الخارج، وأنهم لن يقبلوا بأي إملاءات أو تدخلات، مشيرا إلى أن مجلس النواب أنجز المطلوب منه بإصدار التعديل الدستوري.
وأضاف العرفي، في تصريح للرائد، أن هناك جهات تعرقل توافق مجلسي النواب الدولة، وأنهم سيرفضون مقترح “باتيلي”، مشيرا إلى أن اللجنة التي يرغب في تشكيلها ستكون أسوا من لجنة الـ75، وفق قوله.
تجاهل التوافق الليبي
ومن جانبه اعتبر عضو مجلس النواب جبريل اوحيدة، أن المقترح الذي قدمه ” باتيلي” هو استهتار بالإرادة الوطنية الليبية لتنفيذ أجندات بريطانيا وأمريكا ووكلائهما من الدول الإقليمية وعملائهما المحليين.
وأضاف اوحيدة، في تصريح للرائد، أن باتيلي تجاهل التوافق الليبي الليبي حول التعديل الدستوري الثالث عشر، بدلا من أن يتبناه لاستكماله بقوانين انتخابات كوثيقة دستورية لانتخاب رىاسية وبرلمانية قبل نهاية السنة.
وتابع اوحيدة، قائلاً، إن “باتيلي” يذهب في اتجاه غير مضمون النتائج لتدوير الأزمة؛ لضمان مصالح الدول المتغلغلة في أزمة ليبيا فقط.
لم يأتِ بجديد
واعتبر عضو مجلس النواب سالم قنان، في تصريح صحفي، أن مبادرة “باتيلي” لم تأتِ بجديد، لأنه يراوح مكانه كمن سبقوه، ولن يستطيع تكوين حكومة تبسط سلطاتها على كامل التراب الليبي، حسب تعبيره.
ولد ميتاً
عضو المجلس الأعلى للدولة صفوان المسوري رأى أن مقترح “باتيلي” وُلد ميتاً، بسبب رُفضه في جلسة مجلس الأمن من قبل روسيا وفرنسا والصين، مشيراً إلى أن الدولتين الوحيدتين الموقعتين عليه هما أمريكا وبريطانيا.
وأضاف الميسوري، في منشور بصفحته الشخصية، أن التصويت الأولي على المقترح، يعني أن هناك ڤيتو عليه في حال طرحه للتصويت في مجلس الأمن.
الحل في أيدي الليبيين
عضو المجلس الأعلى للدولة سعد بن شرادة، قال، في تصريح صحفي، إن إحاطة “باتيلي” زادت الشرخ بين الدول المختلفة على ليبيا، مؤكداً بأن الحل لن يكون في يد “باتيلي”، بل في أيدي الليبيين الذين يجب أن يصمّوا آذانهم عن الخارج، وفق تعبيره.
تفادي الأخطاء السابقة
تجمع الأحزاب الليبية عبر عن دعمه لمبادرة المبعوث الأممي “باتيلي” في إنشاء لجنة توجيه رفيعة المستوى في ليبيا.
ودعا التحمع، في بيان صادر عنه، البعثة الأممية إلى تفادي الأخطاء السابقة في انعدام التمثيل الحقيقي للنسيج الاجتماعي الليبي، وانعدام تعزيز النزاهة ومحاربة الرشوة والفساد، مطالبا بأن يتم هذا العمل فعلاً وليس قولاً، مع الجمع بين مختلف الأطراف الليبية المعنية بمن فيها الأحزاب السياسية.