يرى الكثيرون وحتى من المختصين والمهتمين بالشأن الاقتصادي أن رصيد الاحتياطي الأجنبي لدى المركزي والمقدر بـ 45 إلى 55 مليار دولار كاف ومطمئن، ومن شأنه أن يوثر إيجاباً في سعر صرف الدينار الليبي أمام العملات الأجنبية، وذلك إذا ما أراد المركزي ذلك؛ مبررين آراءهم بمقارنته بحجم الاحتياطي الأجنبي لدى دول عدة كتونس الذي يقدر ب 7 مليار دولار ومصر الذي يقدر احتياطيها ب 33 مليار دولار، وكذلك تركيا التي يقدر إحتياطيها بـ 28 مليار دولار و غيرها من الدول.
نظرياً تلك الآراء قد تكون صحيحة لكن عمليا واقتصادياً فالوضع مختلف تماماً فمن جهة حجم الاحتياطي ليس وحده المؤشر والمؤثر الوحيد في سعر الصرف، ومن جهة أخرى هناك مؤشرات عدة سبق و أن تطرقنا إليها في منشورات سابقة أبرزها:
1- حجم فاتورة الواردات
2- حجم فاتورة الصادرات وما مدى تنوعها
3- مدى تدفق الاسثتمارات الأجنبية المباشرة وغير المباشرة للبلاد
4- حجم الإنفاق العام
5- حالة ميزان المدفوعات
6- حجم الإيرادات السيادية ونسبتها من إجمالي الايرادات العامة
7- حجم النفقات الخارجية الحكومية
8- حالة البنى التحتية للبلاد ومدى جودة قطاعيها العام و الخاص
للأسف جميع ما ذكر من مؤشرات لا تخدم الاحتياطي الأجنبي لدى المركزي ، فالبلد يعتمد كلياً على صادرات النفط في تمويل ميزانيته العامة وفي حصوله على العملات الأجنبية كما أنه يستورد تقريباً كل احتياجاته من الخارج والنفط أسعاره متقلبة واا يمكن التنبؤ بها والتعويل عليها في تمويل الإنفاق العام المتزايد فيه نوع من المجازفة.
وصراحةً ما تم ذكره حقيقة ومن واقع تجربة مرت بها الجزائر الدولة النفطية التي ناهز احتياطيها من النقد الأجنبي في منتصف 2014 م قرابة 294 مليار دولار مستفيدة من الطفرة النفطية التي شهدتها الأسواق النفطية خلال الأعوام 2010 ، 2011 ، 2012 ، 2013، 2014 م ، لكن تراجع أسعار النفط بشكل متواصل منذ نهاية 2014 حتى نهاية 2017 م وهبوطها بشكل حاد إلى ما دون 30 دولارا خلال العام 2020 م بسبب وباء كورونا وذلك بعد تعافيها نسبياً خلال عامي 2018 و 2019 م كل ذلك كل ذلك أدى إلى انخفاض الاحتياطي الأجنبي للجزائر وبشكل كبير إلى قرابة 40 مليار دولار فقط أي خسارته لما يقارب 254 مليار دولار وبما نسبته %87 من حجمه الذي سجله في منتصف 2014 م .
واليوم وعلى الرغم من التعافي النسبي الذي طرأ على أسعار النفط خلال عامي 2021 و 2022 م فإن رصيد الاحتياطي الأجنبي للجزائر لم يتجاوز حاجز 60 مليار دولار .
و في الختام وبناء على ما تم توضيحه نستخلص أن رصيد الاحتياطي الأجنبي للمركزي بالفعل غير كاف للتأثير إيجاباً في سعر صرف الدينار للأسباب والمبررات المشار إليها سلفاً و بالطبع دون إغفالنا لحالة عدم اليقين أو Uncertainty Situation التي تغيم على المشهد الليبي منذ قرابة تسع سنوات فحتى احتمالات توقف التصدير والإنتاج مجدداً تبقى واردة لأي سبب من الأسباب.