Menu
in

 “تنمية قطاع النفط بين الخطة والصريرة

ورد في تقرير المصرف المركزي عن الإيرادات والنفقات خلال الفترة من 1 يناير 2022 إلى 30 اكتوبر 2022، أنه تم إحالة ميزانية استثنائية للمؤسسة الوطنية للنفط بقيمة وقدها 17 مليار دينار، أي ما يعادل 3.4 مليارات دولار بسعر صرف اليوم، وبالرغم من مخالفة هذا الإجراء للإعلان الدستوري والقانون المالي للدولة وقانون المصارف؛ لأن إجراءات الميزانية الاستثنائية ينطبق بشأنها ما ينطبق على الميزانية العامة للدولة، وبالتالي لا يحق للمصرف المركزي أو غيره (محلياً أو خارجياً) إقرار ميزانية استثنائية، مع العلم بأن القانون رقم 3 لسنة 2022 بشأن اعتماد الميزانية العامة للدولة لسنة 2022 الصادر عن مجلس النواب الليبي ورد في مادته رقم 22 ما نصه “يجب على المؤسسة الوطنية للنفط إعداد مقترح لميزانيتها الرأسمالية (برامج تطوير للحقول والموانئ النفطية ومدة تنفيذها) وتقديمه خلال شهر من تاريخ نفاذ هذا القانون للحكومة الليبية حتى يتسنى مناقشته وإقراره وإحالته لمجلس النواب لاعتماده”

وبصرف النظر عن ذلك كلنا يدرك تماما أهمية النفط كمورد وحيد للإيرادات في البلاد وأن المحافظة على استمرار هذا المورد وتنميته من الأهمية بمكان لاستمرار الاستدامة المالية خاصة في ظل هذه الأزمات الاقتصادية والمالية التي تعصف بالعالم، ولكن هذه المحافظة والاستمرار يحتاجان إلى خطة واضحة للتطوير والتنمية مترجمة إلى أرقام ومدد زمنية محددة وأهداف يمكن قياسها.

ولكن يبقى التساؤل المطروح هل المؤسسة الوطنية للنفط أعدت خطة تطوير محددة يمكن متابعتها وتقييمها وبها أهداف واضحة ومؤشرات يمكن قياسها وأن ما صرف لهذه السنة من مبالغ يدخل في إطار هذه الخطة أم أن المسألة فقط هي طلبات لمبالغ إجمالية تحت ثقافة ما صبح يعرف بنظام الصريرات لحل المختنقات؟

في حقيقة الأمر المؤسسة لم تنشر هذه الخطة ولو حتى الخطوط العريضة منها وما لدينا من معلومات هو فقط تصريحات صحفية عن أفكار لإمداد خطوط غاز هي أقرب للمماحكات السياسية الإقليمية منها إلى خطة عملية للنهوض بالمؤسسة وهذا القطاع المهم.

فالمعلومات المتوفرة أن المؤسسة تطالب بتخصيص مبالغ مالية إجمالية كما هو الحال في مشروع الميزانية لعام 2022 حيث طلبت بتخصيص مبلغ 34 مليار دينار بدون إرفاق أي خطة سواء كانت ثلاثية أو خماسية أو حتى لمدة سنة واحدة، فهل يعقل أن تخصص أموال بهذه الطريقة؟ خاصة وأننا كنا نعتقد أن قطاع النفط من أفضل قطاعات الدولة في التخطيط والدقة!، فهل أصاب القطاع ما أصاب باقي القطاعات خلال هذه السنوات؟! أيضا سمعنا عن مطالبات لديون قديمة بمليارات من الدينارات، فإذا كانت هذه الأرقام صحيحة فأين ما يقابلها من تطوير للقطاع أم هو نفقات تسييرية؟ فطالما أن هناك ديون مترتبة بالرغم من تخصيص مبالغ في الترتيبات المالية أو الميزانية للقطاع هذا يعني أن هناك عمل في المقابل! لذلك يجب أن يتم الإفصاح عن هذه الديون وتحديد طبيعتها حتى يمكن جدولتها وتسديدها.

واستخلاصا لما سبق فإنه على إدارة المؤسسة وضع خطة واضحة نابعة من شركات القطاع لتسيير وتطوير القطاع وفقا لمدد زمنية محدد وقيم مالية مناسبة عندها يكون لزاماً على الجميع إحالة هذه المبالغ وتوفيرها حتى ولو اعتمدت لها ميزانية خاصة، أما الإصلاحات الأخرى المطلوبة في هذا القطاع فإنه قد آن الأوان لإعادة النظر في المؤسسة الوطنية للنفط من خلال تحويلها إلى شركة قابضة مستقلة مالياً وإدارياً يملكها كل الليبيين وبعيدة عن التجاذبات السياسية وبعيدة عن ميزانية الدولة وتدار بكفاءات قادرة وإتاحة الفرصة لها للعمل داخلياً وخارجياً.

كُتب بواسطة ليلى أحمد

Exit mobile version