أثارت تصريحات رئيس المؤسسة الوطنية للنفط الأخيرة والتي كشف فيها النقاب عن دراسة إنشاء خطي غاز جديد مع مصر واليونان جدلا واسعا وتساؤلات كثيرة عن السبب وراء هذا الإعلان ومدى تطبيقه على أرض الواقع، وما تأثيره على الاتفاقية الموقعة مؤخرا مع تركيا في مجال الهيدروكربونات؟
وكالة نوفا الإيطالية قالت، في تقرير لها، إن تصريحات بن قدارة تؤثر على مستقبل الاتفاقية التي وقعتها حكومة الدبيبة مع تركيا مشيرة إلى أن ما لا يقوله بن قدارة هو أن استثمارات الشركات الأجنبية في هذا المشروع لا يمكن أن تبدأ إذا لم يتم حل الأزمة السياسية في ليبيا.
خطا غاز جديد
وأعلن رئيس المؤسسة الوطنية للنفط فرحات بن قدارة في الـ1 من نوفمبر الجاري عن شروعهم في دراسة مشروع خط أنابيب غاز لربط حقول غاز في ليبيا باليونان عبر المنطقة الشرقية “برقة” وآخر يمتد للمحطات إنتاج الكهرباء بالغاز بدمياط بمصر، على بعد حوالي 200 كيلومتر شمال القاهرة.
وهو مشروع واسع النطاق يمكن أن يشمل أيضًا “إسرائيل” بحسب الوكالة الايطالية.
الإنتاج الحالي لا يكفي
ووفقا لوكالة نوفا الإيطالية فإن مثل هذا المشروع قد يتعارض مع نقطتين رئيسيتين أولهما أن ليبيا لا تنتج ما يكفي من الغاز في الوقت الحالي، فقد بلغ إجمالي إنتاجها في عام 2021، من الغاز 9.23 مليارات متر مكعب مقابل حوالي 6 مليارات متر مكعب استهلاك محلي.
معارضة أنقرة
أما المشكلة الثانية التي ستواجه هذا المشروع هو قبوله من قبل أنقرة، التي “تتمتع حاليًا بنفوذ قوي للغاية على حكومة طرابلس” والتي وقعت معها تركيا مذكرة تفاهم لاستغلال الهيدروكربونات في جميع أنحاء الأراضي الليبية (البرية والبحرية) بينما وصف هذا الاتفاق من قبل مصر واليونان على الفور بأنه “غير قانوني”
لابد من حل الازمة السياسية
وتابعت “نوفا” في تحليلها لمعوقات هذه الاتفاقية هو أن شركات إيني وبريتيش بتروليوم لا يمكن أن تبدأ أي استثمار لها في مثل هكذا مشروع إلا إذا لم يتم حل الأزمة السياسية في ليبيا. والاتفاق على حكومة موحدة لكل ليبيا.
واشارت إلى تصريحات السفير الإيطالي في طرابلس جوزيبي بوتشينو التي قال فيها “ليبيا يمكنها زيادة إنتاج الغاز بنسبة 30 % في عام واحد باستثمارات لا تتجاوز مليار دولار”، شريطة أن يكون في طرابلس عبر سلطة تنفيذية قوية ومشتركة
لماذا الخط الجديد؟
وعلاوة على مشروع الخط الجديد فإن ليبيا تمتلك خطا قائما وهو “غرين ستريم” الذي يربط بينها وبين جزيرة صقلية الإيطالية، ويمكن من خلاله تصدير 10 مليارات متر مكعب من الغاز في حين لم يتم استغلال حتى نسبة 50% حتى الآن وفقا لـ”نوفا”.
تصريحات بن قدارة مضادة لتوجه الدبيبة
المحلل السياسي علي أبو زيد يرى أن تصريحات بن قدارة مضادة لتوجه حكومة الدبيبة التي تريد أن تعتمد بشكل كلي على تركيا فيما يتعلق بغاز المتوسط.
وأضاف أبو زيد في تصريح للرائد أن كلام بن قدارة يناقض ما جاء في مذكرة التفاهم التي وقعتها حكومة الدبيبة مع تركيا، والتي تعطي لتركيا أولوية الاستثمار في غاز ليبيا في المتوسط.
وتابع أبوزيد “حديث بن قدارة عن سلطة تنفيذية قوية ومشتركة إشارة إلى عدم توفر هذا في حكومة الدبيبة”
واعتبر أبوزيد أن تقارب ليبيا مع اليونان ومصر في موضوع الغاز سيضعف الموقف التركي الذي يجعل من هذا الملف أحد أهم مصالح تركيا في ليبيا.
وأردف أبوزيد أن دوافع بن قدارة وراء هذه التصريحات غير واضحة، فربما تكون العمل على أن تكون علاقة ليبيا جيدة بكل الدول التي لديها غاز في المتوسط والحرص على عدم تسييس هذا الملف أو قد يكون دافعه خدمة التوجه الإماراتي الذي يريد أن يتحكم في سوق الطاقة في المنطقة، ولكن هذه بالتأكيد لا تتوافق ولا تخدم توجهات حكومة الدبيية، وفق قوله.