وصل الجمعة الماضية المبعوث الأممي الجديد إلى ليبيا عبد الله باتيلي إلى العاصمة طربلس؛ ليباشر مهامه رسميا على رأس البعثة وسط مشهد سياسي معقد وانقسامات واصطفافات بين الأطراف الليبية وداعميها الإقليميين.
ستكون أولويته “تحديد مسار توافقي يفضي إلى تنظيم انتخابات وطنية شاملة وذات مصداقية في أقرب فرصة ممكنة بالاستناد إلى إطار دستوري متين” هكذا صرح المبعوث الأممي الجديد إلى ليبيا عبد الله باتيلي عند وصوله إلى طرابلس
وشدد باتيلي على أنه سيتولى قيادة المساعي الأممية للقيام بجهود الوساطة؛ من أجل التوصل إلى حل سلمي ومستدام، وسيتواصل مع جميع الأطراف الليبية في عموم البلاد، بما فيها المجتمع المدني والنساء والشباب؛ للاستماع إلى آرائهم بخصوص الأوضاع السياسية والأمنية والاقتصادية.
تصريحات دبلوماسية تتزامن مع ترحيب عدد من السفارات الأجنبية في ليبيا ووعد بدعم جهوده في مهمة الوساطة التي لا تبدو سهلة في خضم تزايد حالة الانسداد السياسي الداخلي، ونذر اصطفاف إقليمي متزايد وتصعيد غربي روسي يلقي بظلاله الثقيلة على المشهد الليبي بشكل عام.
وتنتظر المبعوث الأممي تحديات كبيرة، أبرزها دفع مجلس النواب والمجلس الأعلى للدولة للتوافق على قاعدة دستورية تنظم الانتخابات الرئاسية والبرلمانية المؤجلة منذ العام الماضي.
محليا تباينت آراء الأطراف الليبية حول مدى إمكانية قدرة باتيلي على تفكيك عقد الوضع الحالي، وحشد الدعم الإقليمي والدولي حول إطار حل يجمع الأطراف كافة على مقاربة الحل، وحسم ملف القاعدة الدستورية؛ لتحديد مصير الانتخابات وتوقيتها.
أسد منزوع الأنياب
ويرى عضو المجلس الأعلى للدولة ماما سليمان في تصريح للرائد أن باتيلي أسد بلا أنياب، ما لم تتوحد الجهود الدولية في دعمه فلن يستطيع حلحلة الانسداد السياسي.
المبعوث الجديد جاء في مرحلة صعبة، وفي ظل انقسام حاد في مجلس الأمن بين روسيا من جهة وأمريكا وبريطانيا من جهه أخرى.
ولفت ماما إلى أن هذا الانقسام الدولي والإقليمي سيوثر على عمل المبعوث بشكل سلبي؛ لذلك علينا أن نعول على الجهود الداخلية في حوار ليبي ليبي تشارك فيه جميع الأطراف لحل الانسداد الحالي، مبديا رفضه لوجود أي دور للجنة الحوار السياسي أو ما يسمى بلجنة 75 إلا بعد الكشف عن التقارير التي وردت من لجنة الخبراء التابعة للأمم المتحدة بتلقي بعض أعضاء اللجنة رشاوى في جنيف من بعض المترشحين آنذاك.
توحيد المؤسسات الأمنية
بدوره قال عضو مجلس النواب عبدالمنعم العرفي، إن باتيلي أمامه تحديات كبيرة، وعليه أن يبدأ بملف توحيد المؤسسة العسكرية والأمنية؛ باعتبار ذلك شرطا أساسيا لاستكمال التوافق الوطني في المسار السياسي.
وأشار العرفي، في تصريح للرائد، إلى أنه سيكون من الضروري لباتيلي أن يوقف أي تعامل مع حكومة الدبيبة إذا كان يريد كسب ثقة المجالس التشريعية والحكومة الليبية المنبثقة عنها، وإلا سيعيد نفس سيناريوهات المبعوثين السابقين الذين فشلوا في فهم تعقيدات المشهد السياسي الليبي وآليات الحل الشامل للأزمة.
امتحان عسير لأول مبعوث إفريقي
ويرى الكاتب الصحفي موسى تيهوساي أن تعيين مبعوث أممي في ليبيا لأول مرة من القارة السمراء يعد امتحانا عسيرا ونصرا للاتحاد الإفريقي، الذي خاضت دوله معارك دبلوماسية في أروقة مجلس الأمن، والأمم المتحدة لسنوات ضد الولايات المتحدة، التي عارضت باستمرار وإصرار تعيين شخصية إفريقية لهذا المنصب.
ولفت تيهوساي في تصريح للرائد إلى أن العبرة ليست فقط بتعيين إفريقي على رأس البعثة الأممية، بقدر ما تكمن في القدرة على امتلاك أوراق الضغط على الأطراف المتصارعة؛ لإقناعها بالجلوس على طاولة المفاوضات وتقديم تنازلات قد تكون قاسية للتوصل إلى حلول واقعية للأزمة الليبية.
وقلل تيهوساي من فرص نجاح باتيلي في التوفيق بين التناقضات الدولية إزاء الملف الليبي، خصوصا بين الغرب والروس المرتبطة بالصراع في أوكرانيا، وتزايد حالة التنافس حول النفوذ في إفريقيا، منوها بأن تعيين مبعوث إفريقي مؤشر على تراجع الاهتمام الأممي والدولي بحل الأزمة الليبية.
آراء عديدة متباينة حول الأوراق التي يملكها باتيلي لفك عقد المشهد الليبي، هل ستصطدم بالتناقضات الدولية والإقليمية وتأثيرها على الأطراف الداخلية خصوصا المستفيدة من استدامة الواقع الحالي؟