لطالما كان القضاء هو الملاذ الأخير لمنع تغول السلطتين التشريعية والتنفيذية، وضمان عمل مؤسسات الدولة بعيدا عن الفساد الإداري والمالي.
وبينما تتربع المحكمة العليا في ليبيا على سدة الهرم القضائي فإن كثيرا من الملفات الصعبة والقضايا الحساسة تنتظر الرئيس الجديد للمحكمة العليا عبد الله أبو رزيزة عقب تعيينه من مجلس النواب؛ للعمل على حلها.
محاربة الفساد
وعلى رأس تلك الملفات يأتي ملف محاربة الفساد في مؤسسات الدولة وذلك تماشيا مع الحملات القضائية التي يقودها النائب العام الصديق الصور، وقضاة النيابة العمومية ضد الفساد المالي في مؤسسات الدولة،
وبينما لم تجد هذه الحملات تحركا مماثلا في أوساط قضاة المحكمة العليا حتى الآن فإن مكتب النائب العام لايزال يفتح ملفات الفساد الإداري والمالي واحدا تلو الآخر.
فعقب حبس 4 وزراء من حكومة الدبيبة على ذمة قضايا فساد إداري ومالي، وهم وزير التربية والتعليم في الـ 20 ديسمبر 2021، ووزيرة الثقافة في 29 ديسمبر، ثم وزير الصحة في الـ 25 من يناير، وقبله وزير المالية في الـ الأول من يناير الماضي، ثم إطلاق سراحهم وتبرئتهم
قام مكتب النائب العام بحبس عدة مسؤولين على ذمة قضايا فساد شملت قطاعات الصحة والتعليم والمصارف وآخرها كان حبس مدير إدارة الضرائب بطرابلس بتهمة اختلاس 250 ألف دينار.
ورطة قضائية
وثاني الملفات التي تنتظر عمل أبورزيزة هو العمل على تعديل ضوابط واشتراطات اللجان القضائية وطعون المترشحين عقب ما وصف بالفوضى والتخبط التي أدار بها رئيس المجلس الأعلى للقضاء السابق محمد الحافي اللجان القضائية وطعون المترشحين إبان الانتخابات الرئاسية والبرلمانية في ديسمبر الماضي.
الحافي قام بتعديل قانون الطعون بحيث يتمكن الطاعن في عملية الاقتراع و النتائج من تقديم طعنه من محل إقامته أو إقامة المطعون ضدّه أو موطنه المختار في غضون 48 ساعة من نشر النتائج الأولية، وهو ما يسمح للمهجرين والنازحين بتقديم الطعون في محل إقامتهم، ليعود بعد ذلك ويلغي التعديل ويرجعه للصياغة الأولى التي تحصر تقديم الطعون بمحل إقامة المطعون ضده أو موطنه المختار فقط.
المفوضية تشتكي
هذا التخبط جعل رئيس المفوضية العليا للانتخابات ينتقد هذه القوانين فقد قال في الـ 3 من يناير خلال إحاطته أمام مجلس النواب، إن أول العناصر التي أدت إلى إعلان القوة القاهرة هي “الأحكام القضائية المتضاربة”، مطالبا بتعديل بعض القوانين وصياغة أخرى داعمة لقانون الانتخابات.
استئناف الدائرة الدستورية
ومن جهة أخرى يمثل إعادة تفعيل الدائرة الدستورية للنظر في الطعون والفصل فيها في الـ 18 أغسطس الماضي تحديا آخر للمستشار أبورزيزة؛ للعمل على جعلها طرفا محايدا وامينا في حسم بعض الخلافات السياسية التي تستمر في تقسيم المشهد وتفتيت مؤسسات الدولة.
وتنحصر مهام الدائرة الدستورية بالمحكمة العليا المجمدة منذ نحو سبعة أعوام في فض الطعون والنظر في القضايا المتعلقة بأحكام الدستور ومطابقة القوانين لها، وكل الخلافات المتعلقة بنصوص القوانين والقرارات التي تصدر عن السلطتين التنفيذية والتشريعية وفقا لنصوص القانون الليبي.
ضغوط سياسية وأمنية
ووفقا لمراقبين فإن التحدي الرابع لعمل أبو رزيزة هو كيفية التعامل مع الضغوط السياسية والأمنية والإدارية التي تمارسها عديد الجهات ضد القضاة وعدم تمكينها من إجبار القضاة على اتخاد مواقف وأحكام خاطئة أو مخالفة للقانون.
وكان رئيس مجلس النواب عقيلة صالح قد أعلن، في الـ 15 من سبتمبر الجاري، عبدالله أبورزيزة رئيسا جديدا للمحكمة العليا خلفا للمستشار محمد الحافي، خلال جلسة رسمية لمجلس النواب في مدينة بنغازي.
ويعتبر منصب عبد الله أبورزيزة ثاني منصب سيادي يجري التوافق عليه بين مجلسي النواب والأعلى للدولة بعد توافقهما على اختيار الصديق الصور في منصب النائب العام.