تبقى مسألة تعديل سعر صرف الدينار (تعزيز قيمته) في ظل الظروف الراهنة ممكنة وفق مطالبة رئيس الحكومة الليبية للمركزي وذلك كمخرج وخطوة أساسية للخروج من مستنقع الركود التضخمي الذي أنزلقت إليه البلاد، وذلك في حال التزام حكومته بتعهداتها بشأن ضبط وضغط الإنفاق العام وترشيده فضلاً عن تفعيل آلية الجباية للإيرادات السيادية، وضمان استمرار تدفق إيرادات النفط إلى جانب ضبط فاتورة الواردات وتقليص الحكومة لنفقاتها الخارجية وإيلائها أهمية قصوى لملف محاربة الفساد.
وبما أن الميزانية المعتمدة للحكومة الليبية للعام الحالي 2022م بلغ سقفها 89.689 مليار دينار (مرفق صورة) وذلك بعد خصم أقساط سداد الدين العام وفق التالي .
المرتبات 43789 مليار دينار
الباب الثاني 11،049 مليار دينار
باب التنمية 15،900 مليار دينار
باب الدعم 18.950 مليار دينار
الإجمالي 89.989 مليار دينار
وعليه فإن التزام الحكومة بضغط وضبط الإنفاق العام واقتصاره على الحد الضروري اللازم لتسيير أعمالها وبما يتناسب مع الظروف والأوضاع المالية الراهنة يتطلب منها إجراء تخفيض لنفقات الباب الثاني، بما نسبته %40 وتخفيض نفقات باب التنمية بنسبة %75 إلى جانب إجراء تخفيض بنسبة %10 في باب الدعم على أن يستثنى باب المرتبات الذي قدرت مخصصاته وفق الجدول الموحد من أي تخفيضات.
فتقليص الإنفاق العام بالنسبة للحكومة مسألة جوازية وليس إجبارية كما هو الحال في الإيرادات العامة، فالحكومة يمكنها ألا تنفق كل المخصصات المعتمدة إذا ما رأت مصلحة البلد تتطلب ذلك وفق ما تقتضيه أحكام قانون النظام المالي الدولة و تعديلاته.
وعليه يكون حجم الإنفاق خصماً من الميزانية الميزانية المعتمدة بعد التخفيض كالتالي:
مرتبات 43.789 مليار دينار
الباب الثاني 6.840 مليار دينار
باب التنمية 4.425 مليار دينار
باب الدعم 17،000 مليار دينار
الإجمالي 72،000 مليار دينار .
وإذا ما افترضنا الإيرادات النفطية للعام الحالي تقدر بـ 25،000 مليار دولار فقط والإيرادات السيادية تبقى قيمتها كما قدرتها الحكومة عند 4.276 مليار دينار.
فإن إعادة النظر في سعر الصرف عند 3.75 دنانير للدولار ممكن جداً و ذلك وفق التالي ..
إيرادات نفطية (25.000 دولار * 3.75 دينار = 93،750 مليار دينار
+ 8.200 مليار دينار) قيمة إتاوات نفطية
+ 11.400 مليار دينار إيرادات نفطية سابقة .
إذن إجمالي الإيرادات النفطية = 113،350)…
تستقطع ما نسبته %05 من إجمالي الإيرادات النفطية لسداد أقساط الدين العام.
إذن صافي الإيرادات النفطية = 106.680 مليار دينار .
يضاف لها 4.276 مليار دينار إيرادات سيادية.
إذن إجمالي الإيرادات العامة 111.000 مليار دينار تقريباً
يطرح منها إجمالي الإنفاق العام على كافة الأبواب بعد التعديل والمقدر بـ 72.000 مليار دينار .
إذن الفائض في الميزانية = 38.000 مليار دينار، و هذا المبلغ بفترض إحالته لحساب الاحتياطي العام.
وبالتأكيد هذا الاحتياطي سيساعد الحكومات مستقبلاً في إجراء مزيد من التخفيض لسعر الدولار.
وفي الختام رأيتم كيف يمكن للحكومة لعب دور مهم في التأثير على سعر الصرف الذي سينعكس إيجاباً على الاقتصاد وعلى الأوضاع المعيشية للمواطنين وعلى معدلات التضخم، وذلك إذا ما أتبعت سياسات وتدابير مالية واقتصادية ناجعة ومنسقة مع المركزي.
و أكرر:
صحيح المركزي قانوناً هو من يملك قرار إعادة النظر في سعر الصرف، لكن تبقى الحكومة هي من تمتلك الادوات و الوسائل اللازمة لتحقيق ذلك في ظل تعطل أدوات السياسة النقدية بشكل شبه كامل.
المصدر: مقال خاص للرائد