شد وجذب بين أطراف المشهد السياسي الليبي عقب فشل الاستحقاق الانتخابي في الـ 24 من ديسمبر الماضي، وبينما يبدو مجلس النواب سائرا بكل ثقة في ملف تغيير الحكومة، معلنا عن توافق إيجابي مع المجلس الأعلى للدولة
يظل موقف رئيس الحكومة عبد الحميد الدبيبة غير واضح من تسليم السلطة للحكومة الجديدة، وهو مايثير عديدة التسآؤلات حول إمكانية أن يحدث ذلك سلميا ومن غير أية عراقيل!
النواب مصرون على التغيير
مجلس النواب اعتمد خارطة الطريق بحيث يُجرى الاستحقاق الانتخابي في مدة لا تتجاوز 14 شهرًا من تاريخ التعديل الدستوري، كما قرر عقب الاستماع لمشاريع المترشحين لرئاسة الحكومة إحالة أسمائهم لمجلس الدولة لتقديم التزكيات المطلوبة على أن يكون التصويت لاختيار أحد المترشحين في جلسة الخميس 10 فبراير.
لن أترشح للانتخابات الرئاسية
المترشح لرئاسة الحكومة فتحي باشاغا تعهد بعدم الترشح للانتخابات الرئاسية في حال اختياره رئيسا للوزراء، مضيفا أن أحد أهداف حكومته المرتقبة حماية ليبيا ومقدراتها وثروتها من الفساد الذي أصبح ثقافة سائدة تهدد المجتمع الليبي.
وأعلن باشاغا –خلال تقديم برنامجه أمام مجلس النواب في طبرق- أنه هو وكل وزراء حكومته متنازلين عن أي حصانة قانونية تعيق تحقيقات السلطة القضائية تجاهه هو أو أي وزير في حكومته، مجدداً تأكيده أنه لن يقف مدافعاً عن أي فاسد يتطاول على المال العام ومقدرات الليبيين.
لم تعد حكومة وحدة وطنية
رئيس الحزب الديمقراطي محمد صوان قال، إنه ليس لديهم مشكلة مع الحكومة الحالية، لكنها أصبحت غير قادرة أن تكون حكومة وحدة وطنية، مضيفا أن الحكومة انتهت مدتها، ولم تعمل بجدية لإجراء الانتخابات.
وتابع صوان، خلال إحاطة لأعضاء حزبه، أنهم دعموا ووقفوا مع إجراء الانتخابات، رغم قوانينها المعيبة بعدم مشاركة قوائم الأحزاب، لكن ترشح الدبيبة وسيف القذافي سبب في إجهاض العملية الانتخابية، على الرغم من تعهد رئيس الحكومة بعدم الترشح، كما أن منافسيه رأوا أنه استخدم مقدّرات الدولة لحملته الانتخابية، ومن غير العدل أن يكون منافسا لهم.
الدبيبة يلجأ إلى الأعلى للدولة
من جانبه التقى رئيس الحكومة عبد الحميد الدبيبة مع عدد من أعضاء المجلس الأعلى للدولة فيما قال إنه لقاء تنسيقي لإيضاح وجهة نظر الحكومة الداعمة لإجراء الانتخابات والمسار الدستوري.
وأضاف الدبيبة، في تصريح صحفي عقب اللقاء، إنه يدعم أي خارطة طريق تتجه إلى الانتخابات وتنهي المراحل الانتقالية، مشيرا إلى أن الحكومة والأعلى للدولة يرفضان أي قرار أحادي الجانب يتخذ دون استشارة جميع الأطراف.
وفي سياق متصل صرح مصدر للرائد أن رئيس الحكومة عبد الحميد الدبيبة اجتمع بـ 13 عضوا فقط من المجلس الأعلى للدولة وهم: عبد القادر حويلي وفتح الله السريري والصادق كشير وسيد الحداد الورفلي وإبراهيم بوشعالة وبالقاسم دبرز و زينب توشي وجمال بوسهمين ونوح المالطي وعبدالجليل الشاوش وعبدالله جوان وفوزية كروان وعبدالله الكبير.
وأضاف المصدر أن الاجتماع لم يكن رسمياً، وأن أعضاء المجلس حضروا بصفتهم الشخصية.
استغلال إعلامي
عضو المجلس الأعلى للدولة سعد بن شرادة اعتبر لقاء الدبيبة بعدد من أعضاء مجلس الدولة استغلالا إعلاميا، وأنه نشر من خلال وسائل الإعلام ما كان يريد وما يحلو له.
وأوضح بن شرادة، في تصريح للرائد، أن الدبيبة حاول أن يثبت بأن مجلس الدولة معه، وأن يقنع الأعضاء بأن تغيير الحكومة يجب أن يكون وفق الاتفاق السياسي، وكانت محاولة منه لتقسيم المجلس، والأعضاء ليسوا بهذه السذاجة حتى يسمعوا كلامه.
مستمرون حتى الانتخابات
تصريحات الدبيبة الأخيرة سبقتها تصريحات واضحة بعدم رغبته في تسليم السلطة قبل الاستفتاء على الدستور.
فقد أعلن، في تصريح للجزيرة، أن الحكومة مستمرة في أداء مهامها حتى إنجاز الانتخابات.
واعتبر الدبيبة في ذات التصريح أن ما يقوم به رئيس مجلس النواب محاولة يائسة لعودة الانقسام، وأن الحكومة قد تواصلت مع أغلب الأطراف الدولية، وهي ترفض تصور رئيس مجلس النواب للمرحلة الانتقالية، حسب تعبيره.
غير مرحب بتسليم السلطة
الكاتب الصحفي عبد العزيز الغناي قال إنه لا يمكن التنبؤ بردة فعل الدبيبة، لكن من الواضح أن الدبيبة غير مرحب بتشكيل سلطة تنفيذية جديدة.
وأضاف الغناي، في تصريح للرائد، أنه قد أصبح من الصعوبة على هذه الحكومة إجراء الانتخابات لو استمرت أكثر، وأن من حق النواب اختيار حكومة جديدة تفي باستحقاقات المرحلة، متمنيا حدوث تسليم واستلام حضاري وديمقراطي بين الحكومتين.
غير واضح إلى الآن
ومن جانب آخر قال الكاتب الصحفي موسى تيهوساي، إن موقف الدبيبة من الحكومة الجديدة لايزال غير واضح، لكن تغيير الحكومة سيكون أمرا محسوما إذا وافق مجلس الدولة على مقترح النواب خصوصا إذا كانت هناك ضمانات حقيقية حيال تنفيذ خارطة الطريق وفق ما اتفق عليه المجلسان.
وأضاف تيهوساي، في تصريح للرائد، أنه إذا لم يوافق مجلس الدولة فإن الأمور ستكون معقدة للغاية، وقد تعود بالمشهد إلى مربع الصفر بوجود حكومتين، ويضيع حلم الليبيين في تغيير هذه الأجسام.
هذا وأعلنت وسائل إعلام حكومية خلال كتابة هذا التقرير عن كلمة مرتقبة لرئبس الحكومة مساء اليوم حول مستجدات الوضع السياسي..
فهل يستجيب الدبيبة لقرارات مجلس النواب أم أن البلاد ستشهد موسما آخر من حالات الانقسام والحكومات الموازية؟