أكدت حكومة الوحدة الوطنية أمس من خلال مشاركتها في ندوة عن الإنفاق الحكومي عن العام 2021 م إن ميزانية العام 2021 م الغير معتمدة و التي بلغ الإنفاق الفعلي خلالها قرابة 86 مليار دينار هي الأقل على مدار السنوات العشر الماضية مبررة ذلك بإن قيمة هذا الإنفاق لا تتجاوز 19 مليار دولار و هي أقل مقارنةً بميزانية العام 2012 م والتي وصفت بالأكبر أنداك و التي ناهزت 68،5 مليار دينار و ما يعادل 52 مليار دولار .
و صراحةً هذه التصريحات غير دقيقة و غير واقعية ، كما إن المقارنة بالدولار إجراء مخالف للقوانين و التشريعات المالية النافذة التي تقتضي إن يتم إعداد الميزانيات و الحسابات الختامية للدولة و مؤسساتها بالعملة المحلية أي بالدينار لا بالدولار .
كما إن سعر 1.40 دينار للدولار تجاوزه الزمن و لم يعد واقعياً للمقارنة و كان يفترض أعادة النظر بشأنه منذ 2012 م مع قرار مضاعفة المرتبات رقم 27 لسنة 2011 م و ذلك في إطار رزنامة من الإصلاحات .
لكن ما يثير إستغراب القارئ و المتتبع هو ما يلي ..
1- كيف تشكو الحكومات السابقة مراراً و تكراراً من تفاقم فاتورة الدعم المقدرة حينها ب 5 مليار دينار بحجة أثقلت كاهلها و دعت مراتٍ عدة لرفعه بل رفعت فعلاً الدعم السلعي دون صرف مقابل عنه ، في حين لم تشكو حكومة الوحدة من تضخم هذه الفاتورة التي كلفتها قرابة 21 مليار دينار خلال العام المنصرم 2021 م و ميزانيتها هي الاقل حسب وصفها ؟؟؟
2- كيف تستحدث حكومة الوحدة الوطنية و بالمخالفة باب خامس للطوارئ و تخصص له 6،5 مليار دينار و ميزانيتها هي الأقل في حين لم تشمل ميزانيات السنوات الماضية مخصصات لهذا الباب ؟؟؟؟
3- كيف ميزانية حكومة الوحدة هي الأقل و هي أقرت زيادة في المرتبات لقطاعات و جهات عدة لم تستطيع الحكومات السابقة من زيادتها على مدار السنوات الماضية ؟؟
4- كيف ميزانية حكومة الوحدة هي الاقل و حققت حسب وصفها فائض قدره 17 مليار دينار بعد إنفاقها لقرابة 86 مليار دينار في حين سجلت ميزانيات السنوات السابقة التي تعتبرها الأكبر عجوزات أدت إلى تفاقم الدين العام إلى أن ناهز أكثر من 150 مليار دينار ؟؟؟ لكن و في المقابل يبدو إن حكومة الوحدة تناست إن ايرادات ميزانيتها هي الأكبر و تشكل أضعاف إيرادات ميزانيات السنوات السابقة رغم إن هذه الإيرادات غير حقيقية فهي ناتجة عن تخفيض سعر صرف الدينار أمام الدولار و ليست ناتجة عن زيادة الإنتاج ، فمثلا ميزانية 2012 م التي تعتبرها حكومة الوحدة هي الأكبر لم تتجاوز إيراداتها حاجز 70 مليار دينار و التي تعادل حينها 52 مليار دولار جلها نفطية .
و بما زيادة الدخل أو الايرادات تؤدي إلى زيادة الإنفاق أو الإستهلاك . و حيث إن حكومة الوحدة تقول إنها حققت إيرادات إجمالية بقيمة 103 مليار دينار فإن هذه الإيرادات حتماً ستؤدي إلى زيادة الإنفاق العام و هذا ما حدث فعلاً ، فما أنفقته الحكومة ناهز من 86 مليار دينار بل تقول إنها لم تتمكن من إتفاق كامل هذا المبلغ لضيق الوقت .
لكن في الختام ما يجب أن تدركه الحكومة هو إن سعر 1.40 أو 3.62 دينار للدولار لم يعد له وجود و تجاوزه الزمن و يجب عليها أن تتعايش و تتأقلم مع سعر 4.48 كما تعايشت و تأقلمت مصر مع سعر 16 جنيه للدولار و تعايشت تونس مع سعر 2،80 الدينار.
للكاتب الليبي المتابع والمهتم بالشأن الاقتصادي والسياسي نورالدين رمضان حبارات
المصدر: صفحة الكاتب الشخصية على موقع التواصل “فيسبوك”