in

حفتر يمدد تمرده على الدولة مستغلا عجز الحكومة في الملفين الأمني والعسكري

بعد مضي ما يقرب العام من الاتفاق السياسي والعسكري الذي سمح بتشكيل سلطة تنفيذية جديدة ووضع آليات لإنهاء الانقسام وتوحيد الدولة، يبدو حفتر مستمرا في التنكر لالتزاماته أمام الليبيين والمجتمع الدولي، مستغلا عجز السلطة التنفيذية عن ممارسة اختصاصاتها الفعلية وتوحيد مؤسسات الدولة تحت سلطتها الشرعية التي منحها لها الاتفاق السياسي، بل يُظهر تتابع الأحداث أن حفتر مدد تمرده على الدولة وعلى الشرعية إلى مناطق وقطاعات مدنية أخرى دون أن يجد من يردعه ولو بموقف سياسي يدين تصرفاته، ولا زال حفتر يتعامل في مناطق سيطرته كحاكم مطلق لدولة داخل دولة، ويكرر نفس سيناريو تعامله مع حكومة الثني وحكومة الوفاق.

24 ديسمبر.. قد يكون تاريخ ترسيم التمرد

يهدد حفتر بالعودة إلى الحرب مجددا، في حال فشل ما أسماه جهود الحل السياسي في البلاد، ويبدو أن موعد 24 ديسمبر القادم لا يعني له سوى تاريخٍ للتنصل رسميا من أي التزام اتجاه الاتفاق السياسي والعسكري بعد أن تنصل علنا من أي وصاية للحكومة والمجلس الرئاسي الجديدين عليه.

قد قالها حفتر صراحة قبل أسابيع، خلال استعراض عسكري لميليشياته في بنغازي مؤكدا أنه لن يتردد في خوض المعارك.

لا يعترف بسلطة أو شرعية الحكومة

لم ينتظر حفتر سوى أيام على تشكيل السلطة التنفيذية الجديدة ليعلن صراحة عدم اعترافه بسلطة الحكومة، وقام بمنعها من الاجتماع في بنغازي ومن النزول في مطار بنينا ما أدى إلى إلغاء الزيارة، وأصدر حفتر بيانا رسميا يقول فيه إنه لا يربطه بالحكومة أي رابط “سواء كان خدميا أو سياديا وحتى على مستوى التواصل”، ناسفا بذلك ادعاءات الحكومة أنها ستكون حكومة وحدة، ولن تعين إلا وزراء بلا خصومات سياسية، ويمكنهم العمل في كل مناطق البلاد، فإذا بحفتر يمنع رئيس الحكومة نفسه من دخول بنغازي.

بل وصل الأمر في وقت لاحق أن منع حفتر هبوط الطائرة التي تقل رئيس المجلس الرئاسي في سبها ما تسبب في إطلاق مظاهرات في المدينة يطالب فيها السكان بانسحاب مليشياته.

وفي الحالتين التزمت السلطة التنفيذية الصمت، ولم تعلق على ما تعرضت له من إهانات ولا زالت.

تمدد عسكري خارج إرادة الحكومة

كما عمد حفتر بعد أيام قليلة من تشكيل السلطة التنفيذية الجديدة إلى إجراء مناورات ونقل أرتال عسكرية من الشرق إلى الجنوب دون إذن المجلس الرئاسي بصفته القائد الأعلى للجيش ولا وزير الدفاع الذي هو نفسه رئيس الحكومة، وأطلق حملة عسكرية في الجنوب تخللها اقتحام مناطق جديدة لم يكن له قدم فيها مثل أوباري، وتنفيذ مداهمات واعتقالات دون إذن ولا حتى علم الحكومة ووزارة الدفاع فيها.

وجاء عجز الحكومة عن مواجهة الوضع الذي أراد حفتر حشرها فيه بمثابة رسالة تشجيع على تماديه في ابتزازها وتجاوز صلاحيات المجلس الرئاسي.

وزير للإسكان والتخطيط أيضا

ضمن خرجاته الدعائية التي لا تجد ردا من الحكومة، ظهر حفتر خلال فترة الاتفاق الجديد متجاوزا صلاحيات المجلس الرئاسي وحكومة الوحدة الوطنية الليبية، ووقّع بلباس مدني على مخطط لبناء 3 مدن حول بنغازي تتسع لـ12 مليون نسمة، الإعلان ورغم طابعه الدعائي وغير الواقعي، إلا أن حفتر يريد أن يقول إنه يشرف على اختصاصات مدنية أصيلة للحكومة مثل التخطيط والإسكان وتشييد المدن.

حفتر في ثوب وزير الخارجية والحكومة لا تعلق

ومن الإسكان والتخطيط انتقل حفتر إلى الدبلوماسية ليعبر في أكثر من مناسبة عن مواقف من الأحداث الخارجيةـ متجاوزا تماما المجلس الرئاسي والحكومة ووزارة الخارجية، فظهر يتحدث عن قضية سد النهضة بين مصر وإثيوبيا، وظهر يعلن دعمه للحكومة الأردنية في الخلاف الذي تفجر بين الملك عبد الله وشقيقه ولي العهد السابق الأمير حمزة، وفي كل الحالات بقيت الحكومة ووزارة الخارجية تراقب، ولا تعلق على ما يحدث من سطوٍ.

إتاوات ورسوم في المعابر بالقوة دون علم وزارة المالية

ولضمان تدفق المال الفاسد إلى جيبه فرض بالقوة رسوما مالية غير قانونية على المسافرين والمركبات الليبية في معبر امساعد وسط صمت حكومة الوحدة الوطنية، تحت مظلة هيئة الاستثمار العسكري، الذراع المالي لحفتر وأبنائه، ودون مرجع قانوني لوزارة المالية والداخلية المكلفة قانونيا بتسيير المعبر، وتوالت عديد التقارير الإعلامية والأممية تصف هيئة الاستثمار العسكري التابعة لحفتر بالجسم غير الشرعي المتورط في ملفات النهب والتهريب تحت أعين الحكومة الصامتة.

لم نستفد من دروس ونظريات توحيد الدول التي أنهكتها بارونات الحروب

كل النظريات و الدروس التي خرج بها المجتمع الدولي من تجارب إعادة توحيد الدول التي أنهكتها الحروب الأهلية والانقسامات المناطقية، كانت تبدأ وتنتهي عند تشكيل حكومة قوية قادرة على امتلاك السلاح وحصر ممارسة العنف المشروع لدى مؤسسات الدولة الرسمية وحدها، وتفعيل الأدوات القانونية والأمنية اللازمة لتفكيك المجموعات المتمردة على شرعية الدولة وتجفيفها تدريجيا لمصادر تمويل وتمدد بارونات الحرب كما هو الحال في وضع حفتر، وهي الدروس والنظريات التي يبدو أن حكومة الوحدة الوطنية عجزت فيها عن ممارسة اختصاصاتها الأمنية والعسكرية التي نص عليها الاتفاق السياسي، بل انسحبت حتى من ممارسة الاختصاصات المدنية الصرفة في مناطق سيطرة حفتر..

الأمم المتحدة تعرب عن قلقها من تعرض المهاجرين واللاجئين للاستخدام المفرط للقوة أثناء العملية الأمنية في قرقارش

معنى المثل الشعبي: أن الرزق الحلال مهما قل فأمره إلى نماء وبركة